للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو نَائِبُهُ دون آحاد النَّاس، أما إذا قلنا إنَّها سُنَّةٌ فلا على الأصح، ووجه مقابله أن في ذلك إماتتها وهو قوي.

وَلاَ يَتَأَكَّدُ النَّدْبُ لِلنّسَاءِ تَأَكُّدَهُ لِلرَّجَالِ فِي الأَصَحِّ، لقوله تعالى {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} (٥٨٢) فلا يُكرهُ لهن ترك الجماعة بخلاف الرجال مع قولنا بأنها سُنَّةٌ في حقهم، والثاني: يتأكد لهن أيضاً لعموم الأخبار، وذكر الروياني الخلاف في قدر الفريضة. قُلْتُ: الأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ، أي في الأم، أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةِ، لما سلف، وَقِيلَ: فَرْضُ عَيْنِ، وَالله أَعْلَمُ، لظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: [لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَتُقَامَ ثُمَّ أمُرَ رَجُلاً فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقُ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حِزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لاَ يَشْهَدُونَ الصَّلاَةَ فَأْحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ] (٥٨٣)، وأعلم أنَّه يستثنى من كلام المصنف أمور:

* أحدها: المسافُر، فإنَّه سُنَّة في حقه قطعًا؛ قاله الإمام؛ لكن نَصَّ الشَّافعي في الأم يرُدُّهُ.

* ثانيها: الْقَضَاءُ، فإنها سُنَّة فيه قطعًا، بل قال الرافعي: لا تشرع فيه الجماعة؛ وحديث الوادي يَرُدُّهُ (٥٨٤).


(٥٨٢) البقرة / ٢٢٨.
(٥٨٣) رواه البُخاريّ في الصَّحيح: كتاب الأذان: الحديث (٦٤٤) وله ألفاظ في الصَّحيح: الحديث (٦٥٧) وغيره. ومسلم في الصَّحيح: كتاب المساجد: الحديث (٢٥٢/ ٦٥١) واللفظ له.
(٥٨٤) هو حديث محمود بن الرَّبيع الأنصاري: أَنَّ عُتْبَانَ بْنَ مَالِكَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْراً مِنَ الأَنْصَارِ؛ أتَى رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي قَدْ أَنْكَرْتُ بَصَرِي، وَأَنَا أُصَلِّي لِقَوْمِي، وَإِذَا كَانَ الأَمْطَارُ سَالَ الْوَادِي الَّذِي بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ، وَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ آتِيَ مَسْجِدَهُمْ فَأُصَلِّىَ بِهِمْ. وَدِدْتُ أَنَّكَ يَا رَسُولَ اللهِ تَأْتِي فَتُصَلِّيَ فِي بَيْتِي حَتَّى أَتَّخِذَهُ مُصَلَّى، قَالَ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: [سَأَفْعَلُ] قَالَ عُتْبَانُ: فَغَدَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - وَأَبو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ حيْنَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ، فَاسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -؛ فَأَذِنْتُ لَهُ؛ فَلَمْ يَجْلِسْ حِيْنَ =

<<  <  ج: ص:  >  >>