للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= أما إمامة الكافر، فإنَّها لا تصح؛ فلا تصح إمامة الكافر النصراني واليهودي والمجوسي، وكذا إمامة المرتد عن الإسلام؛ فلا تصح إمامة الحلولي والشيوعي والعلماني ومن أنكر الإسلام أو أنكر ما يعرف من الإسلام بالضرورة، لأنَّه ممَّا لا تأويل فيه ولا يصح إسلام المرء والجهل معه فيه. وما عدا الكافر والمرتد فإمامته صحيحة والصلاة خلفه صحيحة.
* أما المبتدع؛ فإنَّه ينظر فيه؛ فإن كانت بدعته تُكَفرُ، أى يكون بسببها كافراً، كمن يقول: إن الله حلَّ في سيدنا علي كرم الله وجهه؛ أو يزعم أنَّه يأتيه وحيَّ أو يلهم بوحي قلبه، فإن إمامة مثل هذا لمن يعرف به كإمامة الكافر، لا تصح؛ وعليه أحكام ما جاء في الأصل من الإعادة، لأنَّ هؤلاء كفار ولو ادعوا الإسلام.
أما المبتدع الذي لا يكفر ببدعته؛ فهو أحد اثنين؛ جريءٌ على الدين متقول لما لا يملك القول فيه، أو متأول في رأى على سبيل الاجتهاد وله أهليته أو مقلد.
أما الجريء على الدين المتقول لما لا يملك أهليته في القول، فهو على ضربين، الأول: الذي تأثر بالرأي العام الفاسد الشائع في أجواء الأمة، نتيجة تأثير أفكار الحضارة الرأسمالية ومفاهيمها، وغيرها من الأفكار الفاسدة قديماً وحديثاً. فيأخذ بمفاهيم المادية في الرزق والأجل وتحكيم العقل في الشرع ومقياس النفعية وغيرها على جهل وغباوة، فينصح، فيدرك خطأه فيرجع. أو أنَّه لا يدرك، فإن رجع فقد كفانا شأنه، وإن لم يرجع ولم يدرك على غباوته وجهله، فإنَّه ما دام مقراً بالإسلام من غير جحود يعرف عنه؛ فإنَّه من المسلمين وحسبه ذلك. وأمَّا إذا أدرك وانتبه؛ ولكن أصر على ذلك؛ فهو الضرب الثَّاني؛ فيأخذ صفة الجاحد المصر على بدعته، فإنَّه لا يصلع للإمامة، لأنَّ إسلامه غير سالم؛ ومع أنَّه يتمسك بالإسلام اسماً، ولكنه يعامل معاملة المرتد عن الإسلام حكمًا، وإن لم يقم عليه
الحد؛ لأنَّ لا حد إلَّا في دار الإسلام؛ والاستتابة من ضرورات الحكم قبل إقامة الحد. والله أعلم؛ فمثل هذا لا تصح الصَّلاة وراءه اختيارًا.
° أما الدليل على أن إمامة الجرئ على الدين المتقول المصر على خطئه في أمر يخرجه من الإسلام، ويجعله في مناط يستحق الاستتابة وإلا أقيم عليه حد المرتد عن دينه في دار الإسلام؛ قوله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ؛ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة / ٢١٧]. وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا =

<<  <  ج: ص:  >  >>