* وبعد: فإنَّه ليس من الصَّحيح أن نطلق على المتأول في أمر فكرى متعلق بالعقيدة، أو المخالف للبعض فيما يعرفه من الفقه، أنَّه جاء بأمر بدعي أو أنَّه صار مبتدعاً. ويجب على الفقيه أن يتعامل موضوعياً مع الرأى المقابل أو المخالف، في أمر من أمور المعتقد والدين أو أمر من أمور الفقه في العبادات والأعمال. سيما أن أحوال النَّاس في سلامة إسلامهم إلى أصناف: ° مرتد عن الإسلام كافر لا محالة. ° جريء على الدين متقول لا يرجع عن خطئه. ° متأول في رأى على سبيل الاجتهاد أو التقليد. ° سالم الإسلام في المعتقد والأمور الجامعة. ولكل صنف من هذه الأصناف حكمه حين التعامل معه في أمور الحياة؛ ومنها أمر موضوع بحثنا إمامة الصَّلاة. ولا يشترط في الإمامة للصلاة؛ إلَّا أن يكون الإمام مسلماً مؤهلاً لأداء أركانها وهيئاتها بشروطها وواجباتها؛ كما جاء في الحديث عن أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه -؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ؛ فَإِنْ كَانُواْ فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءٌ فَأَعْلَمُهُمْ بالسُّنَّةِ؛ فَإِنْ كَانُواْ فِي السُّنَّةِ سَوَاءٌ فَأقْدَمُهُمْ هِجْرَةً؛ فَإِنْ كَانُواْ فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءٌ فَأَقْدَمُهُمْ سِنّاً وَلاَ يُؤَمُّ الرَّجُلُ فِي سُلْطَانِهِ، وَلاَ يُجْلَسُ عَلَى تَكْرِمَتِهِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإذْنِهِ] [مسلم: (٢٩٠/ ٦٧٣). ولهذا فكل مسلم تتوفر فيه أدنى هذه الصفات أهل للإمامة، والأعلى منها أفضلية له في أن ينال أجر الإمامة وشرفها بما حازوه من صفات شرعية. =