للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= حقه. بخلاف الشيعي فهو يرى أن وضوءه بالمسح يصح، وصلاته بهذا الوضوء تصح، وهذا هو حكم الله في حقه. وكلا الرأيين حكم شرعى مع تناقضهما؛ لأن كل واحد منهما يستند إلى دليل شرعي. فإذا رأى رجل سني رجلًا شيعيًا يتوضأ أمامه، ورآه أنَّه مسح رجليه ولم يغسلهما، وتقدم هذا الشيعي للصلاة إمامًا في النَّاس، فإنَّه يجوز للسني أن يقتدى به في هذه الحالة؛ لأن الشيعي يتبع حكمًا شرعيًا عند الشيعة في نظر السني. فهو يقتدي بمن صحت صلاته عند نفسه، وصحت صلاته عند من يعتبر ما اتبعه الشيعي حكمًا شرعيًا استنبط باجتهاد صحيح، وإن رآه غلطًا. لأن للشيعى شبهة الدليل عند السنّي، فالشيعة يستندون إلى أن كلمة {وَأَرْجُلَكُمْ} في الآية مجرورة عطفًا على رؤوسكم {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} وأن الله جعل الأعضاء قسمين فجعل اثنين مغسولين هما الوجه
واليدان إلى المرفقين، واثنين ممسوحين هما الرأس والرجلان إل الكعبين. ويستندون إلى ما روي عن رفاعة في حديث المسيء صلاته قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -[إِنَّهَا لا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ الله تَعَالَى فَيَغْسِلُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَيَمْسَحُ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ] وإلى ما روي عن علي - رضي الله عنه - أنَّه توضأ فأخذ حفنة من ماء فرش على رجله اليمنى وفيها نعله، ثم فتلها بها، ثم صنع باليسرى كذلك، ولأنه عضو يسقط في التيمم فكان فرضه المسح. فهذه الشبهة من الدليل فيها أمكانية وجود هذا اللهمَّ لغة وشرعًا من النصوص، ولذلك كان استنباط المسح استنباطًا
شرعيًا وما توصل إليه حكم شرعي في حقِّ مستنبطه عنده وعند كل مسلم قَلَّدَهُ.
وكذلك فإن الحنفية يرون أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء والشافعية يرون أن لمس المرأة ينقض الوضوء وعلى هذا فالشافعي إذا لمس المرأة انتقض وضوؤه فلا يجوز له أن يصلي بهذا الوضوء ولو صلَّى به لم تصح صلاته. والحنفي إذا لمس المرأة لم ينتقض وضوؤه، ويجوز له أن يصلّي بهذا الوضوء بعد اللمس وتصح منه الصلاة. فإذا رأى رجل شافعي رجلًا حنفيًا لمس امرأة وبعد لمسها تقدم للصلاة
إمامًا في النَّاس، فإنَّه يجوز للشافعي أن يقتدي في هذه الحالة بهذا الرَّجل الحنفي، لأن الحنفي اتبع حكمًا شرعيًا عند الحنفية من وجهة نظر الشَّافعيّ المذهب، فهو يقتدى بمن صحت صلاته عند نفسه، وصحت صلاته عند من يعتبر ما اتبعه الحنفي حكمًا شرعيًا استنبط باجتهاد صحيح، وإن رأه غلط؛ لأن للحنفي شبهة الدليل عند الشَّافعيّ. فالحنفية يستندون ال أن المراد من قوله {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} في=

<<  <  ج: ص:  >  >>