خبيثتان أي بمعنى أن الخبيث هو الحرام. وأمرهما ليس على هذا الوجه أيضاً؛ لأن الملائكة الذين جاء ذكرهم في الحديث هم من يناجي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجبريل خاصة كما جاء في الحديث عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وأما الخبيث الذى ورد في صفتهما من حديث رسول الله؛ - صلى الله عليه وسلم - فهو بمعنى المستقبح ذوقاً وهو المراد فى معنى الكراهة التنزيهية، أى المستقبح ذوقاً أكلهما وإتيان المساجد أو المجالس. ولبيان التفصيل فى المسألة، تعرضنا لبحثهما على وجه يجمع النصوص في الباب ليتضح معناها للمتفقه، وبالله التوفيق:
* أما دلالة الخبيث فى النصوص الواردة فى أكل الثوم والبصل والكراث، فإنهما بما يدخل في الإرشاد إلى مفهوم الكراهة التنزيهية لفعل إتيان المساجد لمن أكل منها.
والكراهة التنزيهية هى من متعلقات الحالة النفسية للذوق أو النفع والضر الماديين.
وفي هذا المفهوم تفصيل يلاحظ:
أنه ليس بالضرورة أن معنى الخبيث هو الحرام، لا فى عرف اللغة ولا في عرف الشريعة أيضاً.
يأتى الخبيث في اللغة ليفيد معنى الردئ، ويوصف به الشئ والفعل، ويقابله الجيد؛ ويأتي بمعنى ما تنقبض به النفس، وهو ضد الطيب؛ فلا يستحسن ذوقاً؛ ولهذا تسمى الحنظل بالشجرة الخبيثة لأنها مرة المذاق وتتطير النفس من مرارتها فتنقبض ضد ما تطيب النفس من مذاقه كالتفاح مثلاً.
أما في عرف الشريعة، فإن الخبيث يأتي على معاني ثلاثة، الخبيث بمعنى الردئ الذي يقابله الجيد المستحسن بنفعه، أي يقابله الشئ النافع المفيد، وهذا من حيث واقع الشئ ما هو، ويأتى الخبيث بمعنى المستكره ذوقاً وهو ما لا تستسيغه النفس وتستقبحه بالفطرة، ويقابله الحسن المستعذب، وهذا المعنى يأتى من جهة تقرير طبع الإنسان وميل نفسه للأشياء. ويأتى الخبيث بمعنى الحرام وهو ما يترتب على فعله الإثم وبتركه يتحقق الثواب بإذن الله؛ وهذا هو المفهوم المتحقق للأشياء المحرمة شرعاً، وقد يرد الخبيث شرعاً بمعنى السم للتحذير منه؛ وهو تقرير للمعنى الأول بالنسبة لما يتحقق منه الضرر غالباً إن لم يحسن استعماله، وهذا المعنى الثالث يقابله الطيب الذي بمعنى الحلال.
* وفي المعنى الأول، قال الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ =