للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة / ٢٦٧].
وهنا الخبيث بمعنى الردئ والدون، وهو ما يقابل الجيد والمرغوب فيه والمطلوب منه. والدليل على هذا المعنى أنه المراد في النص، ما جاء عن أبي امامة بن سهل بن حنيف فى تفسير المعنى قال: هو الجُعْرور ولَوْنُ حُبيق، فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يؤخذا في الصدقة؛ هذه رواية النسائي، وعند الدارقطني: عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصدقه، فجاء رجل من هذا السَّخَلِ بكبائس- قال سفيان: يعى الشَّيْصَ- فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من جاء بهذا؟ وكان لا يجئ أحد بشئ إلا نسب إلى الذى جاء به. فنزلت: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}. قال: ونهى النبى - صلى الله عليه وسلم - عن الجعرور ولون الحبيق أن يؤخذا في الصدقة. قال الزهرى: لونين من تمر المدينة [١].
أما الجُعرور فهو ضرب ردئ من التمر يحمل رطباً صغاراً لا خير فيه. وحُبَيْق نوع ردئ من التمر منسوب إلى ابن حبيق وهو اسم رجل. والسُحَّل الرطب الذي لم يتم إدراكه وقوته.
ويعضد هذا المعنى من تفسير النص، بأن دلالة الخبيث هنا بمعنى الردئ أو الأدنى قوله تعالى: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} [البقرة / ٦١] وذلك عندما سأل بنو إسرائيل موسى عليه السلام أن يخرج لهم من بقولات الأرض ومنها الثوم والبصل والعدس؛ فسمى الله الأدنى بالخبيث، فيلاحظ والله أعلم.
ويأتي في سياق هذا المعنى للخبيث قوله تعالى: {وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} [النساء / ٢] أى لا تأكلوا من مال اليتيم الشاة السمينة وتعوضوه بالهزيلة، ولا تأخذوا الدرهم الجيد الكامل والدينار وتعطوه الذي قد هلكه الاستعمال أو زيِّف من أثره كما كان أهل الجاهلية يصنعون بأخذ الطيب والجيد من أموال اليتامى ويبدلونه بالردئ من أموالهم.
* أما المعنى الثاني للخبيث؛ وهو ما لا تستسيغه النفس وتستقبحه بالفطرة ويستكره ذوقاً، الذى يقابله الحسن ذوقاً المستعذب، وهو أيضاً ما يتقرر بالطبع الفطري للإنسان وبصفته البشرية وخواصها الشعورية فيها. قال تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ} [الأعراف / ٥٨]. يشيع سياق النص دلالة الارتياح واستعداد النفس لتقبل حال مستعذب في مناخ البلد الطيب، وهو ما يقابل العسر الممتنع في دلالة =

<<  <  ج: ص:  >  >>