للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: الْخِلَافُ فِي خَائِفِ الْقِتَالِ لاَ التَّاجِرِ وَنَحْوِهِ، أي فإنَّه لا يقصر لذلك، والفرق بين المحارب وغيره أن للحرب أثرًا في تغيير صفة الصلاة، وهذا ليس وجهًا على اصطلاحه بل طريقة، وَلَوْ عَلِمَ، أي المحارب وغيره، بَقَاءَهَا مُدَّةً طَوِيلَةً، فَلَا قَصْرَ عَلَى الْمَذْهَبِ, لأنه مطمئنٌ ساكنٌ بعيدٌ عن هيئة المسافرين، وقيل: يجرى فيه الخلاف كغيره (•).

فَصْلٌ: طَوِيلُ السَّفَرِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا هَاشِمِيَّةً، قال الليث: هو الذي عليه النَّاس، واستحب الشَّافعيّ - رضي الله عنه - أن لا يقصر في أقل من مسيرة ثلاثة أيام للخروج من خلاف أبي حنيفة في ضبطه، ويعتبر القدر المذكور هنا ذهابًا وهو تحديد على الأصح، وقيل: تقريب، واحترز بِالْهَاشِمِيَّةِ عَنِ الأَمَوِيَّةِ فإنَّها أكثر، وبها حدد الشَّافعيّ في القديم فقال أربعون ميلًا يريد أُمَوِيَّةً. قُلْتُ: وَهُوَ مَرْحَلَتَانِ بِسَيْرِ الأَثْقَالِ، أي ودبيب الأَقْدَامِ، وَالْبَحْرُ كَالْبَرِّ، أي في اعتبار المسافة، فَلَوْ قَطَعَ الأَمْيَالَ فِيهِ فِي سَاعَةٍ، أي لسرعة السير بالهواء، قَصَرَ، وَالله أَعْلَمُ, لأنها مسافةٌ صالحةٌ للقصر فلا يؤثر قطعها في زمنٍ يَسِيْرٍ كما لو قطعها في البر على فرس جوادٍ في بعض يوم.

وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ أَوَّلًا، فَلَا قَصْرَ لِلْهَائِمِ وَإِنْ طَالَ تَرَدُّدُهُ, لأن كون السفر طويلًا لا بد منه، وهذا لا يدرى أن سفرَهُ طويلٌ أَمْ لاَ؟ ومن هذا تؤخذ مسألة الأسير إذا لم يعلم أين يذهبون به فإنَّه يقصر إذا سار معهم مرحلتين، وقد نقله في الروضة عن النص، وَلَا طَالِبِ غَرِيمٍ وَآبِقٍ يَرْجِعُ مَتَى وَجَدَهُ، وَلَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ، أي وإن طال سفره كما ذكرنا في الهائم، وَلَوْ كَانَ لِمَقْصِدِهِ، أى بكسر


= مِنْهُمْ): الأثر (٥٥٨٢).
• ثُمَّ قْلْتُ: قَالَ التِّرْمِذِيُّ: ثُمَّ أَجْمَعَ أَهُلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ يَقْصُرُ مَا لَمْ يُجْمِعْ إِقَامَةً، وَإِنْ أَتَى عَلَيْهِ سِنُونَ. ينظر: الجامع الصحيح: أبواب الصلاة: باب ما جاء في كَمْ تقصرُ الصلاةُ؛ تعليقان للترمذي على الحديث (٥٤٨): ج ٣ ص ٤٣٤.
(•) في هامش نسحة (٣): بلغ مقابلة على نسخة قُرِيَتْ على المصنِّفِ وعليها خطُّهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>