للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصاد، طَرِيقَانِ: طَوِيلٌ وَقَصِيرٌ، فَسَلَكَ الطَّوِيلَ لِغَرَضٍ كَسُهُولَةٍ أَوْ أَمْنٍ، قَصَرَ وَإِلاّ، أي لم يكن له غرض سوى القصر، فَلَا فِي الأَظْهَرِ، لأَنَّهُ طوَّلَ الطريق على نفسه من غير غرض، والثاني: يَقْصُرُ كما في سائر الأَسْفَارِ الطويلة وصححه الماوردي، ونظيرر هذا الخلاف ما إذا سَلَكَ الْجُنُبُ في خروجهِ من المسجد الطريق الأبعد من غير غرض، والأصح في الروضة: أنَّه لا كراهة ولا خلاف في أنَّه إذا سلك الْقَصِيرَ لا يقصر.

وَلَوْ تَبِعَ الْعَبْدُ أَوِ الزَّوْجَةُ أَوِ الْجُنْدِيُّ مَالِكَ أَمِرِهِ فِي السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُ، أي كل واحد منهم، مَقْصِدَهُ، أى بكسر الصاد، فَلَا قَصْرَ، لفقد الشرط وهو تحقق السفر الطَّويل؛ كذا قاله البغوي والرافعي، وهو ظاهر فيما لم يجاوزوا مرحلتين، فإن جاوزوهما قصروا وإن لم يعرفوا المقصِدَ، فَلَوْ نَوَواْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ، قَصَرَ الْجُنْدِيُّ دُونَهُمَا, لأنه ليس تحت يد الأمير وقهره، كذا علله الرافعي وهو ظاهر في المتطوع

دون المثبت في الديوان، واحترز بقوله (وَلَا يَعْرِفُ مَقْصِدَهُ) عما إذا عرف؛ فإنهم يترخصون.

وَمَنْ قَصَدَ سَفَرًا طَوِيلًا فَسَارَ ثُمَّ نَوَى رُجُوعًا انْقَطَعَ، أي فلا يترخص بشيء قطعًا، فَإِنْ سَارَ فَسَفَرٌ جَدِيدٌ، أي فلا يجوز القصر إلاّ أن يقصد مرحلتين، وَلَا يَتَرَخَّصُ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ كَآبِقٍ وَنَاشِزَةٍ؛ لأن الْقَصْرَ رُخْصَة شُرعت إعانةَ للمسافر على مقصدهِ، والعاصي لا يُعان، فلم يكن مرادًا بعموم الآية.

فَلَوْ أَنْشَأَ مُبَاحًا ثُمَّ جَعَلَهُ مَعْصِيَةً فَلَا تَرَخُّصَ فِي الأَصَحِّ، كما لو أنشأ السفر بهذه النية، والثاني: يرخص له مراعاة للابتداء، ومحل الخلاف ما إذا استمر القصد، فإن تاب ترخص قطعًا، ذكره الرافعي في اللُّقَطَةِ، وَلَوْ أَنْشَأَهُ عَاصِيًا ثُمَّ تَابَ فَمُنْشِئٌ السَّفَرِ مِنْ حِينِ التَّوْبةِ، أي فإن كان منه إلى مقصده مسافة القصر (٦٤٩)؛


(٦٤٩) • لحديث عمر بن الخَطَّاب - رضي الله عنه -؛ قال: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِي الْقَصْرِ: [صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ الله بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُواْ صَدَقَتَهُ] رواه مسلم في الصحيح: كتاب صلاة =

<<  <  ج: ص:  >  >>