للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأْوَلاَهُمُ الأَحَقُّ بِالصَّلاَةِ، أي عليه كما سلف، وذلك من حيث الدرجة والقرب لا من حيث الصفات، لأن الأسن مقدم على الأفقه فِي الصلاة، والأفقه مقدم على الأسن فِي الدفن، وكَذَا عَلَى الأَقْرَبِ كما نص عليه فِي الأُم، والمراد بالأفقه هنا الأعلم بإدخال الميت القبر لا أعلمهم بأحكام الشرع. قُلْتُ: إِلاَّ أَنْ تَكُونَ امْرَأَةً مُزَوَّجَةً، فَأَوْلاَهُمُ الزَّوْجُ، وَالله أَعْلَمُ، لأنه أحق بمباشرتها.

وَيَكُونُونَ وِتْراً، يعني عدد الدافنين؛ لأنهُ - صلى الله عليه وسلم - دَفَنَهُ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ وَالْفَضْلُ كما

صححه ابن حبان (٨٥٤)، وَيُوضَعُ فِي اللَّحْدِ عَلَى يَمِينِهِ لِلْقِبْلَةِ، للاتباع، فلو وضع على اليسار كره، أما وضعه للقبلة فواجب على الأصح، وَيُسْنَدُ وَجْهُهُ إِلَى جِدَارِهِ، وكذا رجلاه ويجعل فِي باقي بدنه بعض التجافي، وَظَهْرُهُ بِلَبِنَةِ وَنَحْوِهَا، أى وهذا يمنعه من الاستلقاء وذاك من الانكباب، وَيُسَدُّ فَتْحُ اللَّحْدِ بِلَبِنِ، لأنه به يتم الدفن، وَيَحْثُو مَنْ دَنا ثَلاَثَ حَثَيَاتِ تُرَابٍ، أي بيديه جميعاً، لأنه - صلى الله عليه وسلم - حَثَى من قبل رأس الميت ثلاثاً (٨٥٥). وقوله (مَنْ دَنَا) فيه إشارة لأخراج من بَعُدَ لكن عبارة ابن الرفعة: يستحبُّ ذلك لكل من حضر الدفن، ثُمَّ يُهَالُ، أي يصب، بِالْمَسَاحِي، لأنه أسرع إلى تكميل القبر، وَيُرْفَعُ الْقَبْرُ شِبْراً فَقَطْ، ليعرف فيزار ويحترم، واستثنى الشيخان تبعاً للمتولي قبر المسلم بدار الكفار فيُخفى صيانه عنهم، وَالصَّحِيحُ أَنَ تَسْطِيحَهُ أَوْلَى مِنْ تَسْنِيمِهِ، تأسياً بقبره - صلى الله عليه وسلم - وقبري صاحبيه كما صححه الحاكم (٨٥٦)


(٨٥٤) عن ابن عباس رضى الله عنهما؛ قال: (دَخَلَ قَبْرَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ وَالْفَضْلُ؛ وَسَوَّى لَحْدَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَهُوَ الَّذِي سَوَّى لُحُودَ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ بَدْرٍ). رواه فِي
الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: باب وفاته - صلى الله عليه وسلم -: الحديث (٦٥٩٩).
(٨٥٥) عن أيى هريرة؛ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ، ثُمَّ أَتَى قَبْرَ الْمَيِّتِ. فَحَثَى عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ ثَلاَثاً). رواه ابن ماجه فِي السنن: كتاب الجنائز: باب ما جاء فِي حثو التراب فِي القبر: الحديث (١٥٦٥) وإسناده صحيح.
(٨٥٦) لحديث القاسم؛ قال: (دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ؛ فَقُلْتُ: يَا أُمَّة، إِكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَصَاحِبَيْهِ رَضِيَ الله عَنْهُمَا؛ فَكَشَفَتْ لِي عَنْ ثَلاَثَةِ قُبُورٍ؛ لاَ مُشْرِفَةٍ، وَلاَ لاَطِئَةٍ؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>