القدر، يل ليس موضوعه القدر، ذلك أنه سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أَرَأَيْتَ أَدْوِيَةً نَتَدَاوَى بِهَا، وَرُقي نَسْتَرْقِي بِهَا، وَتُقىً نَتَّقِيْهَا، هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللهِ شَيْئًا؟ قال:[هِيَ مِنْ قَدَرِ اللهِ]، لأن قدر الله لا يسبقه شئ، فكيف يرد؟ عن أسماء بنت عميس قالت؛ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ وَلَدَ جَعْفَرَ تُسْرُعُ إِلَيْهِمُ الْعَيْنُ أَفَأَسْتَرْقِي لَهُمْ؟ فَقَالَ:[نَعَمْ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقٌ الْقَدَرَ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ].
والتداوي بقصد الشفاء من الأفعال التي كلف الله بها الإنسان، فهي من الأعمال التي يجب أن يتقيد بها المسلم بالأحكام الشرعية. كدفع الجوع كالأكل، ودفع العطش بالشرب والارتواء، مع الفارق فِي النتيحة، لأن المرض يقع على الإنسان بقضاء الله، وجعل الله له الدواء، والشفاء من عند الله سبحانه وتعالى، فإذا أصاب دواء الداء برئ المريض بإذن الله، وإذا لم يصبه أجره على الله فِي الصبر والاحتساب. باستثناء الهرم، أي الموت، لأنه لا دواء له، والهرم نقص الصحة طبيعياً، فحال الأنسان فيه يقترب من الموت.
ولقد نهى الشارع عن التداوي بحرام، فعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إِنَّ الله أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا وَلاَ تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ].
وعن أم سلمة مرفوعاً:[إِنَّ الله لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيْمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ]. وعن ابن مسعود موقوفاً:[إِنَّ الله لَمْ يَكُنْ لِيَجْعَلَ شِفَاءَكُمْ فِيْمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ]. وعن أبي مسعود قال:(نَهَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الدَّوَاءِ الْخَبِيْثِ). ومن دلالة النصوص المتقدمة يتضح للمكلف أن الأصل فِي الدواء ما كان حلالاً، ويحرم التداوي بالخبيث أو الحرام.
ولقد رخص الشارع التداوى بالحرام أو المحرم لعذر؛ عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام فِي لبس الحرير لحكة كانت بهما ورخص للأعراب المرضى أن يشربوا من أبوال الإبل بقصد التداوي بعد حصول الشكوى، ذلك:[أَنَّ رَهْطاً مِنْ عُرَيْنَةَ أَتَوا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالوْا: إِنَّا قَدِ اجْتَوَيْنَا الْمَدِيْنَةَ وَعَظُمَتْ بُطُونَنَا، وَارْتهَشَتْ أَعْضَاؤُنَا؛ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَلْحَقُواْ بِرَاعِي الإبِلِ، فَيَشْرَبُواْ مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَلَحِقُواْ بِرَاعِي الإِبِلِ فَشَرِبُواْ مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا ... الحديث].
والرخصة ما شرع من الأحكام لعذر، فيحصل بها إذن للمكلف من الشارع أن يفعل خلاف العزيمة فِي القيام بالفعل الممنوع أو ترك الفعل الواجب، وهى مقترنة بالحال التى استوجبها العذر فِي حينه، وليست على الدوام أو الإطلاق. وفي بحث =