يَكْفِي خَارِصٌ، أي واحد كما يجوز حاكم واحد، والثاني: يشترط اثنان كالشاهد، وَشَرْطُهُ الْعَدَالَةُ، لأنَّ الفاسق غير مقبول القول على غيره، قُلْتُ: وشرطه أيضًا أن يكون عارفًا بالخرص، لأن الجاهل ليس من أهل الاجتهاد فيه، وَكَذَا الْحُرِّيةُ وَالذُّكُورَةُ فِي الأَصَحِّ، لأنه ولايةٌ والعبدُ لَيْسَ مِن أهْلِهَا، وكذا المرأة، والثاني: لا، كما يجوز كون العبد كيَّالاً أو وَزَّانًا وكذا المرأة، فَإِذَا خَرَصَ؛ فَالأظْهَرُ: أَنَّ حَقَّ الْفُقَرَاءِ يَنْقَطعُ مِنْ عَيْنِ الثَّمَرِ وَيَصِيرُ فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ، التَّمْرُ، وَالزِّبِيبُ لِيُخرِجَهُمَا بَعْدَ جَفَافِهِ، لأن الخرص يسلطه على التصرف فِي الجميع، وذلك يدل على انقطاع حقهم عنه، والثاني: لا يصير حق المساكين فِي ذمة المالك، لأنه ظنٌّ وتخمينٌ فلا يؤثر فِي نقل الحق إلى الذمة، والقول الأوَّلُ يُعَبَّرُ عنه بأنَّ الخرصَ تضمينٌ، والثاني: أنه عبرة أي مجرد اعتبار القَدْرِ.
وَيُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ بِتَضْمِيِنهِ وَقَبُولِ الْمَالِكِ عَلَى الْمَذْهَبِ، أي فإن لم يضمنه أو ضمنه فلم يقبله المالك، بقي حق المساكين على ما كان، قال الرافعي: وهذا ما أورده المعظم، وَقِيلَ: يَنْقَطِعُ بِنَفْسِ الْخَرْصِ، فَإِذَا ضَمِنَ جَازَ تَصَرُّفُهُ فِي جَمِيعِ الْمَخْرُوصِ بَيْعًا وَغَيْرَهُ، لما فِي الحجر على أصحاب الثمار إلى وقت الجفاف من الحرج العظيم.
وَلَوِ ادَّعَى هَلاَكَ الْمَخْرُوصِ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ كَسَرِقَةٍ، أَوْ ظَاهِرٍ، أى كالنهب والبرد، عُرِفَ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، أي فِي دعوى التلف بذلك السبب، واليمين تستحب على الأصح، أما الظاهر الذى عرف سببه فإنه يُصَدَّقُ من غير يمين، إلاَّ أن يتهم فِي هلاكه بذلك السبب فَيُحَلَّف، صرح به فِي الروضة تبعًا للرافعي فقيَّد به إطلاقه هنا، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفِ الظَّاهِرُ؛ طُولِبَ بِبَيِّنَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، لإمكانها، ثُمَّ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي الْهَلاَكِ بِهِ، أى بذلك السبب، والثاني: لا يطالبُ بها، بل القول قوله بيمينه، لأنه مؤتمن شرعًا، فإن اقتصر على دعوى الهلاك من غير تعرض لسبب، فالمفهوم من كلامهم قبوله مع اليمين.