أَكَلَ بِاجْتِهَادِ أوَّلًا أَوْ آخِرًا، وَبَان الْغَلَطُ بَطَلَ صَوْمَهُ, لأنه تحقق خلاف ما ظنه، أَوْ بِلَا ظَنٍّ وَلَمْ يَبِنِ الْحَالُ صَحَّ إِنْ وَقَعَ في أوَّلهِ وَبَطَلَ في آخِرِهِ، عملًا بالأصل فيهما، أعني بقاء الليل في الأولى والنهار في الثَّانية، وَلَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ، أي الصادق وهو الشرعي، وَفى فَمِهِ طَعَامٌ فَلَفَظَهُ صَحَّ صَوْمُهُ, لأنه لو وضعهُ في فيهِ نهارًا ولم يصل إلى حلْقِه لم يفطر فأولى إذا كان الوضع ليلًا ولو سبقه إلى جوفه؛ فالأصح من زوائد الروضة عدم فطره.
وَكَذَا لَوْ كَان مُجَامِعًا فَنَزَعَ في الْحَالِ, لأنه ترك، كما لو حلف لا يلبس فنزع؛ وسواء أنزل أو لم ينزل، فَإِن مَكَثَ، أي بعد علمه بطلوعه، بَطَلَ، لتحقق الجماع منه قصدًا؛ وتلزمه الكفَّارة والحالة هذه على المذهب، قال الرويانى: والأولى عندي في هذه الحالة: أن صومه ما انعقد أصلًا، وقيل: انعقد وفسد، وظاهر إيراد المصنف يُشعر به.
فَصْل: شَرْطُ الصَّوْمِ، أي شرط صحته: الإِسْلَامُ، بالإجماع، وَالْعَقْلُ، أي فلا يصح صوم غير المميز؛ والمجنون؛ لالتحاقهما بالبهائم، وَالنَّقَاَءُ عَنِ الْحَيضِ وَالنِّفَاسِ، بالإجماع، جَميعِ النَّهَارِ، أي فلو طرأ رِدَّةٌ أو حيضٌ أو نفاسٌ بطل صومه وكذا الجنون على الأرجح كما لو جُنَّ في خلال صلاته، وَلَا يَضُرُّ النوْمُ المُسْتَغْرِقُ، للنهار، عَلَى الصَّحِيح، لبقاء أهلية الخَطاب، والثاني: يضر كالاِغْمَاءِ وقد عرفت الفَرْق، فإن استيقظ لحظة صحَّ إجماعًا، وَالأظهَرُ: أَن الإِغْمَاءَ لا يَضُرُّ إِذَا أَفَاقَ لَحْظَةً مِنْ نَهَارِهِ، أيْ أيَّ لحظةٍ كانت اكتفاء بالنية مع الإفاقة في جزء، وأغرب صاحب المهذب فقال: لا أعرف له وجهًا، والثاني: يضر مطلقًا كالحيض، والثالث: لا مطلقًا كالنوم، والرابع: لا يضر إذا أفاق في أوله وصححه الغزالي والفارقي ومال إليه ابن الصلاح، والخامس: لا يضر إذا أفاق في طرفيه.