وَهِيَ، يعني كفارة الوقاع في رمضان، عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، فَإن لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِن لَم يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، للحديث السالف المشار إليه أول الفصل، وهي مرتبة ككفارة الظهار، وفي أبي داود [أَنَّه - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِعَرَقٍ فِيْهِ تَمْرٌ قَدْرَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا] رواه أبو داود (٨٩١) وقال البيهقي: وهي أصح من رواية من روى [فَأُتِىَ بِعَرَقٍ فِيْهِ عشرونَ صَاعًا](٩٩٨).
فَلَوْ عَجَزَ عَنِ الْجَمِيع اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ في الأَظْهَرِ، فَإِذَا قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ مِنْهَا فَعَلَهَا، كجزاء الصيد؛ لأنه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أمر المجامع بأن يُكَفِّرَ بما دفعه إليه مع إخباره بعجزه فدل على ثبوتها في الذمة مع العجز، والثاني: لا؛ بل تسقط كزكاة الفطر، ولأنه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لم يذكر ذلك للأعرابي مع جهله بالحكم؛ وللأول أن يجيب بأن تأخير البيان لوقت الحاجة جائز.
فَرْعٌ: لو قدر على البعض؛ قال الدَّارميّ في استذكاره: فإن قلنا لم يقدر على الكل فهو في ذمته فهنا أَولى، وإن قلنا تَسْقُط فوجهان؛ أحدهما: تَسْقُط ولا يخرج شيئًا، والثاني: لا تَسْقُط، فعلى هذا وجهان؛ أحدهما: يخرج ما معه ولا شيء عليه، والثاني: يكون في ذمته الباقي.
وَالأَصَحُّ: أَنَّ لَهُ العُدُولُ عَنِ الصَّوْمِ إِلَى الإِطْعَامِ لِشِدَّةِ الْغُلْمَةِ, لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال للمجامع [صُمْ شَهْرَيْنِ] قال: وَهَلْ أَتَيْتُ إِلَّا مِنْ قِبَلِ الصَّوْمِ، فَقَالَ:[أَطْعِمْ سِتيْنَ مِسْكِيْنًا] , والثاني: لا، لإمكان القدرة على الصوم، وَالْغُلْمَةُ بضم الغين وإسكان اللام مصدر غلم إذا اشتدت حاجته إلى النكاح.
وَأَنَّهُ لا يَجُوزُ لِلْفَقِيرِ صَرْفُ كَفَّارَتِهِ إِلَى عِيَالِهِ، كالزكوات وسائر الكفارات، والثاني: يجوز؛ لأنه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قال للمجامع:[أَطْعِمْهُ أهْلَكَ] , وَالأوَّلُ أَوَّلَهُ.
(٩٩٨) رواه البيهقي في السنن الكبرى: باب كفارة من أتى أهله: الحديث (٨١٣٧)، وقال: قد رُوي في حديث أبي هريرة خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا؛ وَهُوَ أَصَحُّ. والله أَعْلَمُ.