للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من الإبل ذكرًا كان أو أنثي وفي معناها الحمولة من برذون ونحوه، فَإِنْ لَحِقَهُ بِالرَّاحِلَةِ مَشَقّةٌ شَدِيدَةٌ اشْتُرِطَ وُجُودُ مَحْمِلٍ، وَاشْتُرِطَ شَرِيكٌ يَجْلِسُ فِي الشِّقِّ الآخَرِ، دفعًا لمشقة الركوب كما اعتبرت الراحلة دفعًا لمشقة المشي، ويفهم من هذا أنه لو شق عليه ركوب المحمل اعتبر في حقه الكنيسة (١٠٣٣)، قُلْتُ: وبه صرح ابن الصباغ، وضابط المشقة أن يكون ضررًا موازيًا للضرر الذي بين الركوب والمشى، وإنما اعتبر وجود شريك لتعذر ركوب شق لا يعادله شيء، والظاهر أنما يحتاج إليه في سفره كالزاد وغيره يقوم مقام الشريك وكذا الأمتعة المستأجر على حملها، وذكر المحاملي وغيره من العراقيين أن في حق المرأة يعتبر المحمل، وأطلقوا القول فيه لأنه أستر لها وأليَق بحالها.

وَمَن بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ، وَهُوَ قَوِيٌّ عَلَى الْمَشْيِ يَلْزَمُهُ الْحَجُّ، لعدم الضرر، فَإِنْ ضَعُفَ فَكَالْبَعِيدِ، أي فيما سلف لوجود الضرر، وخرج بالمشي الحبو فإنه لا يلزمه وإن أمكن على الأصح.

وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ فَاضِلَيْنِ عَن دَيْنِهِ، أي حالًا ومؤجلًا ولو رضي صاحبه بتأخيره؛ لأن الْمَنِيَّةَ قَدْ تَحْتَرِمَهُ فتبقى ذِمَّتُهُ مشغولة مرهونة، ومقتضى كلامه أنه لا فرق بين دَين الله ودَين الآدمي، وَمُؤْنَةِ مَنْ عَلَيْهِ نَفَفَتُهُمْ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ، كيلا يضيعوا، وَالأَصَحُّ اشْتِرَاطُ كَوْنِهِ فَاضِلًا عَنْ مَسْكَنِهِ، وَعَبْدٍ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِخِدْمَتِهِ، أي لزمانته أو لمنصبه كما يبقيان عليه في الكفارة، وعلى هذا لو كان معه نقد يريد صرف إليهما مكن، وظاهر كلامه اعتبارهما، ولو كانت المرأة مُزَوَّجَةً لاحتمال انقطاع الزوجية، أو كان الشخص يسكن بيتًا في مدرسة ونحوها، والثانى: لا يشترط؛ بل يباعان؛ لأن الاستطاعة مُفَسَّرة في الخبر بالزاد والراحلة وهذا وَاجِدٌ لَهُمَا، والفرق بين الحج والكفارة أن العتق في الكفارة له بدل معدول إليه، والحج بخلافه، وهذا ما حكى عن نصه في الأُمِّ، فإن قلنا بالأَوَّل فذلك فيما إذا كانت الدار


(١٠٣٣) الكنيسةُ: أعواد مرتفعة في جوانب المحمل عليها ستر يدفع الحر والبرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>