للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَيْهِ، للاتباع (١٠٩٠).

فَرْعٌ: قال الشافعي في الأُمِّ: لا أحب الزحام إلا في بَدْءِ الطَّوافِ وآخره؛ بل صريحهُ أنَّهُ لا تكرهُ المزاحمةُ على تقبيل الحَجَرِ؛ وهو ردٌّ على مَن كَرَّهَهُ، نَعَمْ يحمل على زحام غير مؤذٍ.

فَإن عَجَزَ، أي عِن تقبيل الحجر، اسْتَلَمَ، أي استلمه بيده أو بِعَصًا ثمْ قَبَّلَ ما استلم به للاتباع، فَإِنْ عَجَزَ، عن الاستلام، أَشَارَ، إليه، بيَدِهِ، لأنه قدر استطاعته، وفي البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: (طَافَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبَيْتِ عَلَى بَعِيْرٍ كُلَّمَا أَتَى الرُّكْنَ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ عِنْدَهُ وَكَبَّرَ) (١٠٩١)، ولا يشير إلى القُبلة بالفم لأنه لم يُنقل، وعن ذلك احترز بقوله بيده؛ لكن التقييد بذلك قد يوهم أنَّه لا يشير بما في يده مع أنَّه يشير به كما صرح به في شرح المهذب ثم نبَّه على أنَّه يقبِّل ما أشار به، ويرَاعِي ذَلِكَ في كُلِّ طَوْفَةٍ، لحديث ابن عباس المذكور.

تَنْبِيْهٌ: في صحيح مسلم أن [ابْنَ عُمَرَ - رضي الله عنه - اسْتَلَمَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَبَّلَ يَدَهُ وَقَالَ: مَا تَرَكْتُهُ مُنْذُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُهُ] قال المصنف في شرحه لمسلم: (هَذَا الْحَدِيْثُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ عَجَزَ عَن تَقْبِيْلِ الْحَجَرِ؛ وِإِلَّا فَالْقَادِرُ يُقبلُ الْحَجَرَ وَلَا يَقتصِرُ فِي الْيَدِ عَلَى الاِسْتِلَامِ بها) (١٠٩٢)، هذا كلامه ولا حاجة إلى هذا الحمل فظاهر نص الشافعي - رضي الله عنه - في الأُم؛ بل صريحه يدل على طبق ما في الحديث من كونه يستلم اليَدَ


(١٠٩٠) لحديث جعفر بن عبد الله وهو ابن الحكم؛ قال: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بن عباد بن جَعْفَر؛ قَبَّلَ الْحَجَرَ وَسَجَدَ عَلَيْهِ؛ ثُمَّ قالَ: رَأَيْتُ خَالَكَ ابْنَ عَبَّاسٍ يُقَبِّلُهُ وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطْابِ يُقَبِّلُهُ وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قالَ: (رَأيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَ هَكَذَا؛ فَفَعَلْتُ). رواه الحاكم في المستدرك: كتاب المناسك: الحديث (١٦٧٢/ ٦٤)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي قال: هذا صحيح.
(١٠٩١) رواه البخاري في الصحيح: كتاب الحج: باب التكبير عند الرُّكْنِ: الحديث (١٦١٣).
(١٠٩٢) الحديث رواه مسلم كما سلف في الصحيح: الحديث (٢٤٥/ ١٢٦٨)، وقول النووي في الشرح: ج (٩ - ١٠) ص ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>