للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن صحَّ أن ابن الزبير لَمَّا بلغه حديث عائشة - رضي الله عنه - في إعادتها على ما كانت عليه لولا قرب عهدهم بجاهلية قال: أَنَا الْيَوْمَ أَجِدُ مَا أُنْفِقُ؛ وَلَسْتُ أَخَافُ النَّاسَ فَهَدَمَهَا وَبَنَاهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيْمَ عَلَيْهِ الصُّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَأَدْخَلَ فِيْهَا الْحَجَرَ وَجَعَلَ لَهَا بَابَيْنِ، ثم هدم الحجَّاجُ الشق الَّذي من ناحية الحجر فقط كما قال الأزرقى وغيره، وأعاده على ما كان عليه في زمن قريش، والشق الآخر بناءُ ابنُ الزبير وهو يظهر للرائى عند رفع الأستار فحينئذ يَنبغى الصحة في الطواف على الشاذروان لا كما قاله الأصحاب.

وَأَنْ يَطُوفَ سَبْعًا دَاخِلَ الْمَسْجِدِ، للاتباع (١٠٨٨).

وَأَمَّا السُّنَنُ؛ فَأَنَّ يَطُوفَ مَاشِيًا، أي إن كان يطيقه حماية للمسجد والناس عن أذى الدابة؛ فإن طاف راكبًا جاز وإن لم يكن عذر ولا كراهة كما نقله الرافعى عن الأصحاب، لكن في الكفاية عن الماوردي وغيره الجزم بها، وَيَسْتَلِمَ الْحَجَرَ، أي يلمسه باليد، أَوَّلَ طَوَافِهِ، للاتباع، ولو نُحِّى الحجر استلم الركن الَّذي كان فيه وقبَّلهُ وسجدَ عليهِ قاله الدارمي؛ وَيُقَبِّلُهُ، للاتباع (١٠٨٩)، ولا يستحب ذلك أعني الاستلام والتقبيل للنساء إلا عند خُلُوِّ المطاف ذكره في الروضة، وعبارة صاحب الخصال ليس على النساء استلام الحجر.

فَرْعٌ: قال القاضي أبو الطيب: يستلم ويُقبِّل الرُّكْنَ الَّذي فيه الْحَجَرُ أيضًا، وظاهرُ كلام الجمهور كما قاله في شرح المهذب: الاقتصار على فعل ذلك في الْحِجْرِ.


(١٠٨٨) لحديث ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال: (قَدِمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَئنِ فَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعًا). رواه البخاري في الصحيح: باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة: الحديث (١٦٤٥). ومسلم في الصحيح: الحديث (٢٣٢/ ١٢٦).
(١٠٨٩) لحديث نافع قال: رَأيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَسْتَلِمُ الحَجَرَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَبَلَ يَدَهُ. وَقَالَ: (مَا تَرَكْتُهُ مُنْذُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُهُ). رواه مسلم في الصحيح: الحديث (٢٤٦/ ١٢٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>