للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القياس على الصلاة. ووجه الأوَّل أن الطواف يحتمل فيه ما لا يحتمل فيها كالفعل الكثير والكلام، ولو عبر بقوله تطهر لكان أَولى لشموله الأصغر والأكبر.

وَأَنْ يَجْعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ، وَمُبْتَدِئًا بِالْحَجَرِ الأَسْوَدِ مُحَاذِيًا لَهُ فِي مُرُورِهِ بِجَمِيع بَدَنِهِ، للاتباع كما أخرجه مسلم (١٠٨٦) وشبهه القاضي أبو الطب بتكبيرة الإِحرام في الصلاة، فَلَوْ بَدَأَ بِغَيْرِ الْحَجرِ، أي لو بدأ بالباب مثلًا، لَمْ يُحْسَبْ، فَإِذَا انْتَهَى إِلَيهِ، أي إلى الحجر، ابْتَدَأَ مِنْهُ، كما لو قدم المتوضئ على غسل الوجه غسل عضو آخر؛ فإنه يجعل غسل الوجه ابتداء وضوئه.

فَرْعٌ: لو نُحِّيَ الحجر والعياذ بالله من مكانه وجب في أدائه محاذاة الرُّكْنِ قاله القاضي أبو الطيب.

وَلَوْ مَشَى عَلَى الشَّاذَرْوَانِ أَوْ مَسَّ الْجِدَارَ في مُوَازَاتِهِ، أي في موازاة الشاذروان، أَوْ دَخَلَ مِنْ إِحْدَى فَتْحَتَي الْحِجْرِ وَخَرَجَ مِنَ الأُخْرَى لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ، لأن الطائف والحالة هذه طائف في البيت لا بالبيت. وقد قال تعالى: {وَلْيَطوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (١٠٨٧) واحترز بِقَيْدِ الموازاة عما مسَّ الجدار الَّذي في جهة الباب، وَفِي مَسْأَلَةِ الْمَسِّ وَجْهٌ، أي أن طوافه يصح؛ لأن معظم بدنه خارج، ويصدق أن يقال: إنه طائف بالبيت ولأن العبرة بالقدمين لا باليد والرأس، ولهذا نفوا التحريم عن الجنب ووجوب الكفارة على الحالف بفعله.

فَائِدَةٌ: للبيت أربعة أركان: رُكنانِ يَمَانِيَّانِ أحدهما فيه الحَجَر بفتح الحاء، واثنان شاميان والحِجر بكسر الحاء عندهما، وسبب إِخراج الشاذروان والحجر عن بناء البيت أنَّ قُرَيْشًا لَمَّا أعادت بناءها قصرت بهم النفقة عن ذلك فتركوها كذلك،


(١٠٨٦) لحديث ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال: (رَأيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حِيْنَ يَقْدَمُ مَكَّةَ إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الأَسْوَدَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ حِيْنَ يَقْدَمُ يخبُّ ثَلَاثَةَ أطْوَافٍ مِنَ السَّبْع). رواه مسلم في الصحيح: الحديث (٢٣٢/ ١٢٦١).
(١٠٨٧) الحج / ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>