للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي تفريعًا على هذا كما لو تداعيا عينًا في أيديهما، فَإن الحاكم يبدأ بيمين من شاء منهما قطعًا، وَقِيلَ: يُقْرَعُ، كما يقرع بينهما في الدعوى إذا جاءا معًا إلى مجلسه، وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ يَكْفِي كُلَّ وَاحِدِ يَمِينٌ تَجْمَعُ نَفْيًا وَإثْبَاتًا، لأنه أقرب إلى فصل القضاء، والثانى: أنه يفرد النفى بيمين؛ والإثبات بأخرى، لأنه مدعي ومدعى عليه، ويقَدَّمُ النَّفْيُ، أي استحبابًا على الأصح لأنه الأصل في اليمين، وإنما ينقل إلى الإثبات لنكولٍ أو شاهدٍ أو لَوثٍ، فَيَقُولُ: مَا بِعْتُ بِكَذَا وَلَقَدْ بِعْتُ بِكَذَا، أي وكذلك المشتري أيضًا يقول ما اشتريت بكذا أو لقد اشتريت بكذا، وَإِذَا تَحَالَفَا فَالصَّحِيحُ: أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ، أي بنفس التحالف لحديث ابن مسعود؛ لأنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ [أَمَرَ بِالبَائِعِ أَنْ يُسْتَحْلَفَ ثمَّ يَتَخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ إِنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ] رواه النسائى وصححه الحاكم وفيه انقطاع (٧٧)، والثانى: ينفسخ، لأن التحالف يحقق ما قالاه، بَلْ إِن تَرَاضَيَا وِإلَّا فَيَفْسَخَانِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا، لأنه فسخ لاستدراك الظلامة فأشبه الرد بالعيب، أَوْ الْحَاكِمُ، لقطع النزاع، وَقِيلَ: إِنَّمَا يَفْسَخُهُ الْحَاكِمُ، لأنه فسخٌ مجتهدٌ فيه، فأشبه العنَّةَ وهذا الوجه رجحه جماعة، ثُمَّ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيع، ليصل إلى مالكه، فَإِنْ كَان وَقَفَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ مَاتَ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ، لقيامها مقامه، قال في المطلب: والمشهور وجوب المثلِ في المثلى، قُلْتُ: وبه جزم صاحب الْمَعِيْنِ وقال: إنه محل وفاق، وَهِيَ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ فِي أَظْهَرِ الأَقْوَالِ، لأن مورد الفسخ العين والقيمة بدل عنها، فإذا فات الأصل تعين النظر في القيمة إلى ذلك الوقت، والثانى: قيمة يوم القبض؛ لأنه يوم دخوله في ضمانه، والثالث: أقصى قيمة من يوم البيع إلى التلف كالبيع الفاسد، والرابع: أقل قيمة من يوم العقد إلى القبض، وَإن تَعَيَّبَ رَدَّهُ مَعَ أَرْشِهِ، أي وهو ما نقص من القيمة، لأن الكل مضمون على المشتري بالقيمة، فكان بعضه مضمونًا ببعضها، وَاخْتِلاَفُ


(٧٧) رواه النسائى في السنن: باب اختلاف المتبايعين: ج ٧ ص ٣٠٣. والحاكم في المستدرك: الحديث (٢٣٠٤/ ١٧٥). والبيهقى في السنن الكبرى: الحديث (١٠٩٥٩). وفيه انقطاع لأن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -. قاله الدارقطني في عللهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>