للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهَا: تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ، لدلالة اسم السَّلَم عليه، فَلَوْ أَطْلَقَ، أي بِأَنْ قَالَ: أسْلَمْتُ إليكَ دينارًا في ذمتى بكذا، ثُمَّ عَيَّنَ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ؛ جَازَ، لأن المجلس حريم العقد فله حكمه، وَلَوْ أَحَالَ بِهِ، أي برأس المال، وَقَبَضَهُ الْمُحَالُ فِي الْمَجْلِسِ فَلَا، لأنها ليست بقبض حقيقى، وَلَوْ قَبَضَهُ، يعنى رأس المال، وَأَوْدَعَهُ الْمُسْلِمُ، أي قبل التفرق، جَازَ، لأن الوديعة لا تستدعى لزوم الملك، وَيَجُوزُ كَوْنُهُ، أي كون رأس المال، مَنْفَعَةً، كما يجوز جعلها ثمنًا وغيره، وَتُقْبَضُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ، لأنه لما تعذر القبض الحقيقي اكتفينا بهذا لأنه الممكن، وِإذَا فُسِخَ السَّلَمُ، أي بسبب يقتضيه، وَرَأْسُ الْمَالِ بَاقٍ اسْتَرَدَّهُ بِعَيْنِهِ، وليس له إبداله؛ لأن المعين كالمبيع، وَقِيلَ: لِلْمُسْلَمِ إِلَيهِ رَدُّ بَدَلِهِ إِنْ عَيَّنَ فِي الْمَجْلِسِ دُونَ الْعَقْدِ، لأن العقد لم يتناوله، واحترز بقوله (بَاقٍ) عما إذا تلف؛ فإنه يرد مثله في المثلى وقيمته في المتقوَّم، وَرُؤْيَةُ رَأْسِ الْمَالِ تَكْفِي عَنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ فِي الأَظْهَرِ، كثمن المبيع، والثاني: لا؛ بل يجب ذكر قدره وصفته، لأنه ربما ينقطع ويكون رأس المال تالفًا فلا يدري بم يرجع، ومحل الخلاف ما إذا تفرقا قبل العلم بالقدر والقيمة؛ فإنْ عَلِمَاهُ قبله صحَّ قطعًا.

فَرْعٌ: لو كان متقومًا مشاهدًا؛ فلا يشترط معرفته على المذهب؛ وقيل: القولان.

الثَّانِي: كَوْنُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ دَيْنًا، لأن لَفْظَ السَّلَمِ موضوعٌ لهُ؛ ومراده بالشرط: ما لا بد منه؛ فإن الدَيْنِيَّةَ داخلةٌ في حقيقة السَّلَمِ، فَلَوْ قَالَ: أَسْلَمْتُ إِلَيكَ هَذَا الثَّوْبَ فِي هَدَا الْعَبْدِ فَلَيْسَ بِسَلَمٍ، أي قطعًا لانتفاء الدَيْنيَّةِ، وَلاَ ينْعَقِدُ بَيْعًا فِي الأَظْهَرِ، نظرًا إلى اللفظ، والثانى: نعم؛ نظرًا إلى المعنى، وَلَوْ قَالَ: اشْتَرَيتُ مِنْكَ ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمَ، أي وكذا بدراهم في الذمة، فَقَالَ: بِعْتُكَ انْعَقَدَ بَيْعًا، اعتبارًا باللفظ، وَقِيلَ: سَلَمًا، اعتبارًا بالمعنى، وكلُّ سَلَمٍ بَيْعٌ؛ بخلاف لفظ السَّلَمِ لا ينعقد به بيع، فإن قال بَعْدَهُ: اشتريتُ سَلَمًا كان سَلَمًا جزمًا ويجب التعيين في صورة الدَّيْنِ إذا جعلناه بيعًا، وإلَّا أدَّى إلى بيعِ الدَّيْنِ بِالديْنِ قاله المحامليُّ وَغَيْرُهُ.

الثالِثُ: الْمَذهَبُ أَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ بِمَوْضعٍ لَا يَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ أَوْ يَصْلُحُ، وَلِحَمْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>