مَؤُنَة اشْتُرِطَ بَيَان مَحَل التسْلِيمِ، أي بفتح الحاء إذا كان مؤجلًا، وِإلا فَلاَ, لأنه إذا كان الموضع صالحًا وليس للحمل مَوُنَةٌ اقتضى العرف التسليم فيه، وإذا لم يكن كذلك تفاوتت الأغراض باختلاف الأمكنة فاشترط التعيين، وهذا هو المفتى به من سبع طرق موضحة في الأصل. أما السَّلَمُ الحالُّ فلا يشترط فيه التعين كالبيع، ويتعين موضع العقد للتسليم، لكن لو عَيَّنًا غَيْرَهُ جازَ بخلافِ البيع، والمراد بمكان العقد الْمَحَلَّةُ، وَيصِحُّ حَالًا، إذا كان المُسَلمُ فيه موجودًا، وَمُؤَجَّلًا، أما المؤجل فلما سلف أول الباب، وأما الحالُّ فلأنه إذا جاز مؤجلًا فهو في الحال أجوز، وعن الغرر أبْعَدُ، وفائدة العدول عن البيع إلى السَّلَمِ رُخْصُ السِّعْرِ، وجوازُ العَقْدِ مع غيبهِ المبيع، والأمْنُ مِنَ الانْفِسَاخ إذ هو متعلق بالذمة، فَإِنْ أَطْلَقَ، أي فلم يشترط تأجيلًا ولا حلولًا، انعَقَدَ حَالًا، كالثمن في البيع، وَقِيلَ: لاَ يَنْعَقدُ, لأن العرف فيه التأجيلُ، فالسكوتُ فيه كأجلٍ مجهولٍ، وأجاز ابن خزيمة التوقيت بالميسرة وهو قويٌّ، ويُشْتَرَطَ الْعِلمَ بِالأجَلِ، للآية والحديث السالفين، فَاِن عَينَ شُهُورَ الْعَرَبِ أَوِ الْفُرسِ أَوِ الرُّومِ جَازَ, لأنها معلومة مضبوطة، وِإن أطْلَقَ، أي الشهر، حُمِلَ عَلَى الْهِلاَلِيِّ, لأنهُ عُرفُ الشَّرْع، فإنِ انْكسَرَ شهرٌ حُسِبَ الباقِي بالأهلةِ وَتمِّمَ الأوَّلُ ثلاثينَ, لأنه لما تعذر اعتبار الهلال في المنكسر رجعنا إلى العدد، وَالأصَحُّ صِحَّةُ تأجِيلِهِ بِالعِيدِ وَجُمَادَى، ويحمَلُ عَلَى الأولِ، لتحقق الاسم به، والثاني: يفسد لتردده، والظاهر أن محل الخلاف في العيدين إذا كان العقد قبلهما، أما إذا كان بينهما فينصرف بحسب الواقع إلى الأخير منهما, لأنه الذي يلي العقد قاله ابن الرفعة.
فَرعٌ: لو قال: إلى طلوع الشمس غدًا لم يصح، وعلله في البحر في آخر خيار المتابعين: بأن طلوعَ الشَّمسِ قَدْ لا يكون بأن تغيم السماء؛ بخلاف قوله إلى وقت طلوع الشمس فإنه يصح، وفي الأول نظر؛ لأن المفهوم من طُلُوعِهَا وجودُهَا في نفس الأمرِ.