للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: لا، بل إذا امتنع باع القاضي جزءًا من المرهون فيها بحسب الحاجة، إلا أن تستغرق المؤنة الرَّهْنِ قبل الأجلِ؛ فيباع ويجعل ثَمَنُهُ رهنًا نقله في الكبير عن الإمام وجزم به في الشرح الصغير.

وَلاَ يُمْنَعُ الرَّاهِنُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْمَرْهُونِ كَفَصْدٍ وَحِجَامَةٍ، أي عند الحاجة إليهما، لأنه يحفظ بِه ملكه، لكن لا يجبر عليها بخلاف النفقة، كذا قاله الأصحاب، واستدرك صاحب المطلب فقال في كتاب النفقات: هذا محمول على أنها لا تجب من خالص ماله؛ بل في عين المرهون ببيع جزء منه لأجلها، وَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، كقوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ [الرَّهْنُ مِنَ رَاهِنِهِ] أي من ضمان راهنه [لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ] رواه الشافعي رحمه الله والمحفوظ إرساله (٩١)، وَلاَ يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ، لأنه وثيقة في دَيْنٍ ليس بعوض فيه فلا يسقط الدَّيْنُ بتلفه كالضامن والشاهد، وفيه احتراز من تلف المبيع في يد البائع.

وَحُكْمُ فَاسِدِ الْعُقُودِ حُكمُ صَحِيحِهَا فِي الضَّمَانِ، أي فيما اقتضى صحيحه الضمان كالبيع وسائر العقود اقتضاه فاسده أيضًا، وَمَا لاَ؛ كالرهن ونحوه فلا، أما الأول: فلأن الصحيح إذا أوجب الضمان فالفاسد أَوْلى، وأما الثاني: فلأن إثبات اليد عليه بإذن المالك، ولم يلتزم بالعقد ضمانًا. ويستثنى مسائل من طرد هذه القاعدة ومن عكسها فراجعها من الشرح الكبير.


(٩١) • روى الشَّافِعيُّ عن سعيدٍ بن الْمُسَيِّبِ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: [لاَ يَغْلقُ الرَّهْنُ الرَّهنَ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذي رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ]. ونقل الشافعى رحمه الله: وَغُنمُهُ زِيَادَتُهُ؛ وَغُرْمُهُ هَلاَكُهُ وَنَقْصُهُ. رواه في الأُمِّ: باب ضمان الرهن: ج ٣ ص ١٦٧.
• سعيد بن الْمُسَيِّبِ عن أبى هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [لاَ يَغْلَقُ الرَّهْن؛ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ]. رواه ابن حبان في الإحسان: كتاب الرهن: الحديث (٥٩٠٤).
• سُئِلَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ؛ فَقِيْلَ لَهُ: أرَأيْتَكَ قَوْلَكَ: لاَ يَغْلَقُ الرِّهنَ؛ أهُوَ الرَّجُلُ يَقُولُ: إِنْ لَمْ آتِك بِمَالِكَ؛ فَهَذَا الرَّهْنُ لَكَ؟ قَالَ: (نَعَمْ). رواه البيهقي في السنن الكبرى: باب الرهن غير مضمون: الحديث (١١٤٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>