للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ شَرَطَ كَوْن الْمَرْهُون مَبِيعًا لَهُ عِنْدَ الْحُلُولِ فَسَدَ، أي للرهن لِتَأْقِيْتِهِ والبيع لتعليقهِ، وَهُوَ قَبْلَ المَحِلِّ أَمَاَنَةٌ، وبعدَهُ مضمونٌ، لأنه مقبوضٌ بحكمِ الشراءِ الفاسدِ وهو عقدُ ضَمَانٍ، وَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ بِيَمِيْنِهِ، لأنه أمين كما مَرَّ، والمراد تصديقه في الجملة، وله تفصيل يأتى في الوديعةِ، وَلاَ يُصَدَّقُ فِي الرَّدِّ عِنْدَ الأَكْثَرِينَ، لأنه قبضه لمنفعةِ نفسه فأشبه المستعير، وقيل: نعم كالمودع.

فَصْلٌ: وَلَوْ وَطَءِ المُرْتَهِنُ المَرْهُونَةَ بِلاَ شُبْهَةٍ فَزَانٍ، أي فهو زانٍ فعليه الحد إجماعًا، ومهرُ المكرهة لا المطاوعة في الأصح، وَلاَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ جَهِلْتُ تَحْرِيمَهُ إِلَّا أَن يَقْرُبَ إِسْلاَمُهُ أَوْ يَنشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنِ الْعُلَمَاءِ، لأنه قد يخفى عليهما بخلاف غيرهما، وَإِنْ وَطَءَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ قُبِلَ دَعْوَاهُ جَهْلَ التْحْرِيمِ فِي الأَصَحِّ، لأن التحريم مع الإذن لا يبعد خفاؤه على العوام، والثاني: لا تقبل دعواه، لبعدها إلا أن يقرب إسلامه كما سلف، فَلاَ حَدَّ، للشبهة، وُيجِبُ الْمَهْرُ إِن أَكْرَهَهَا، قياسًا على المفوضة، وقيل: لا؛ لإذن مستحقه، وحكاهُ في الْمُحَرَّرِ وحذفه المصنف وهو غريب. وخرج بالمكرهة المطاوعة، فإنه لا مهر لها، لإنضمام الإذن إلى طواعيتها، وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ، لأنه حكم وطءِ الشبهة، وَعَلَيهِ قِيمَتُهُ لِلرَّاهِنِ، لأن الإذن في الوطء رضًا بإتلاف المنفعة، لا بالإحبال.

فَصْلٌ: وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَرْهُونُ وَقَبضَ بَدَلَهُ صَارَ رَهْنًا، لقيامهِ مَقَامَهُ ويجعل في يَدِ مَنْ كَانَ الأصلُ في يدهِ، وَالْخَصْمُ فِي الْبَدَلِ الرَّاهِنُ، لأنه المالك، فَإِنْ لَمْ يُخَاصِمْ لَمْ يُخَاصِمِ الْمُرْتَهِنُ فى الأَصَحِّ، لأنه غير مالك، والثاني: يخاصم لتعلق حقه بما في ذمته ونسبه الإمام إلى المحققين، فَلَوْ وَجَبَ قِصَاصٌ، أي في نفسٍ، اِقْتَصَّ الرَّاهِنُ، لعموم الأدلة، وَفَاتَ الرَّهْنُ، لفوات العين وبدلها، أما إذا كانت على طرف، واقتص، فإن الرهن يبقى بحالهِ، فَإِنْ وَجَبَ الْمَالُ بِعَفْوِهِ أَوْ بِجنَايَةِ خَطَإٍ، أي أو عمدٍ على نفسٍ أو طرفٍ لكون الجاني حُرًّا، لَمْ يَصِحَّ عَفْوُهُ، أي عفو الراهن، عَنْهُ، لتعلق حق المرتهن به، وَلاَ إبْرَاءُ الْمُرْتَهِنِ الْجانِي، لأنه غير مالك، فإن فعل، فالأصح: أنَّ ذلكَ ليسَ فَسْخًا للرَّهْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>