فَصْلٌ: وَلاَ يَسْرِي الرَّهْنُ إِلَى زِيادَتِهِ الْمُنْفَصِلَةِ كَثَمَرَةٍ وَوَلَدٍ، لأنه لا يزيل الملك عن الرقبة، فلم يسرِ إليهما كالإجارة، أما المتصلة كالسمن، فإنها تتبع الأصل، فَلَوْ رَهَنَ حَامِلًا وَحَلَّ الأَجَلُ وَهِيَ حَامِلٌ بِيعَتْ، لأنا إن قلنا إنَّ الحملَ يُعْلَمُ فكأنه رهنهما، وإلا فقد رهنها والحمل محض صفة، وَإنْ وَلَدَتْهُ بِيعَ مَعَهَا فِي الأَظْهَرِ، بناء على أنَّ الحملَ يُعْلَمُ وَمُقَابِلُهُ مَبْنِيٌّ على مُقَابِلِهِ، فَإِن كَانَتْ حَامِلًا عِندَ الْبَيْع دُون الرَّهْنِ فَالْوَلَدُ لَيْسَ بِرَهْنٍ فِي الأظْهَرِ، بناء على أنه يعلم، قال الرافعي: ويتعذر بيعُهُ معها، لأنَّ استثناءَ الحملِ متعذرٌ ولا سبيلَ إلى بَيْعِهَا حامِلًا، ويوزع الثمن، لأنَّ الحملَ لا تعرف قيمتُهُ، والثاني: أنَّ الوَلَدَ رَهْنٌ بناءً على أنه لا يُعلم فيتبع كالسمن.
فَصْلٌ: جَنَى الْمَرْهُون، أي بغير إذن السيد، قُدِّمَ المَجْنِيِّ عَلَيْهِ، لأن حقه يتعين في الرقبة، وحق المرتهن ثابت في الذمة، فإن أمره بها وكان لا يميز أو كان أعجميًا يعتقدُ وجوبَ طاعتِهِ، فالجاني هو السيدُ وعليه القصاصُ والضمانُ، ولا يتعلق برقبة العبدِ شيءٌ على الأصح، فَإِنِ اقْتَصَّ أَوْ بِيعَ لَهُ، أي لِحَقِّهِ، بَطَلَ الرَّهْنُ، لفوات محله حتى لو عاد إلى ملك الراهن لم يكن رهنًا، وَإِن جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ فَاقْتَصَّ بَطَلَ، أي في المقتص فيه طرفًا كان أو نفسًا، وَإنْ عُفِيَ عَلَى مَالٍ لَمْ يَثْبُتْ عَلَى الصَّحِيح فَيَبْقَى رَهْنًا، لأن السيد لا يثبت له على عبده مالٌ، والثاني: يثبت؛ ويتوصل به المالكُ إلى فكِّ الرَّهْنِ، وِإن قَتَلَ، أي المرهون، مَرْهُونًا لِسَيِّدِهِ عِنْدَ آخَرَ، أي عند مرتهن آخر، فَاقْتَصَّ، أي السَّيِّدُ، بَطَلَ الرَّهْنَانِ، لفواتهما؛ فإن لم يكن مرهونًا؛ فهو كما لو جنى على السيد، وَإنْ وَجَبَ مَالٌ، أي إما بعفوه أو كانت الجناية خطأً، تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ، لأن السيد لو أتلف المرهون لغرم قيمته لحق الرهن، فإذا أتلفه عبده كان تعلق الغرم به أولى، وإنما وجب المال وإن كان لا يجب للسيد على عبده مال؛ لأجل تعلق حق الغير، فَيُبَاعُ وَثَمَنُهُ رَهْنٌ، وَقِيلَ: يَصِيرُ رَهْنًا، أي إذا وجب المال فوجهان أحدهما: أن العبد ينقل إلى يد مرتهن القتيل ولا يباع العبد؛ لأنه لا فائدة فيه، وأصحهما يباع ويجعل الثمن رهنًا في يده؛ لأن حَقَّهُ في ماليةِ العبدِ لا في عينه؛ ولأنه قد يرغبُ راغبٌ بزيادةٍ، قَالَ الرافعي: والوجهان إنما يظهرانِ إذا طلبَ الراهنُ