واحترز بقوله (ثَبَتَ) عما إذا لم يثبت فإنَّه يجوز حَبْسُهُ وللغريمِ ملازمته لأنها أخف، اللهم إلَّا أن يقول المديون للقاضي أنَّه يشق علَىَّ الطهارة والصلاة بسبب ملازمته فاحبسني فإنَّه يجاب، وَالْغَرِيبُ الْعَاجِزُ عَنْ بَيِّنَةِ الإعْسَارِ يُوَكِّلُ الْقَاضِي بِهِ مَنْ يَبْحَثُ عَنْ حَالِهِ فَإذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إِعْسَارُهُ شهِدَ بِهِ، لئلا يُفْضي إلى تخليدِ الْحَبْسِ عليه.
فَصْلٌ: مَنْ بَاعَ وَلَمْ يَقْبِضِ الثَّمنِ حَتَّى حَجَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ، فَلَهُ فَسْخُ الْبيْعِ وَاسْتِرْدَادُ الْمَبِيع، لقوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ [إِذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ وَوَجَدَ الْبَائعُ سِلعتهُ بِعَيْنهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنَ الْغُرَمَاءِ] متَّفقٌ عليه (٩٧)، وكون الثمن غيرَ مقبوضٍ يحتاجُ إلى إضمارهِ في الحديثِ وبهذا الرجوع ثابت أيضًا، إذا مات الغريم مفلسًا ولا يثبت الرجوع بمجرد الإفلاس ويحصل: بِفَسَخْتُ الْبَيْعَ وَنَقَضْتُهُ ونحوهما، وَالأصَحُّ: أَنَّ خِيَارَهُ عَلَى الْفَوْرِ، كخيار العيب بجامع دفع الضرر، والثاني: أنَّه على التراخي كخيار الهبة للولد، وَأَنَّهُ لاَ يَحصُلُ الْفَسْخُ بِالْوَطء وَالإعْتَاقِ وَالْبَيْع، كالهبة، والثاني: يحصل كما في زمن الخيار، ومحل الخلاف إذا نوى بالوطئ الفسخ وإلا فلا، قاله صاحب المعين، قال: وهذا على قولنا لا يفتقر هذا الفسخ إلى حاكم وإلا فلا يحصل به قطعًا.
وَلَه الرُّجُوعُ فِي سائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ كَالْبَيْع، لعموم قوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ [مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ] متَّفقٌ عليه (٩٧). فدخل في ذلك المسلم والإجارة والقرض؛ وخرج الخلع والمصالحة عن دم العمد فإنهما ليسا كالبيع في كونه معاوضة محضة.
• وَلَه شُرُوطٌ: مِنْهَا كَوْن الثَّمَنِ حَالًا، لأنَّ المؤجلَ لا يطالب بهِ فتباعُ السلعة وتصرف إلى ديون الغرماء، وصرَّح الرافعي في الشَّرح الصَّغير بثبوته فيما إذا حل بعد الحجر.