للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْوَليُّ، لما ذكرناه من بطلان تصرفه. والثاني: يصح للحاجة، فَلَوْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ، أي لإختلال صلاح الدينِ أو المالِ، دَامَ الْحَجْرُ، لمفهوم الآيةِ ويتصرف له من كان يتصرف قبل البلوغ، وَإِن بَلَغَ رَشِيدًا اِنْفَكَّ بِنَفْسِ الْبُلُوغ وَأُعطِيَ مَالَهُ، لأنه حَجْرٌ ثَبَتَ بغيرِ حاكمٍ فلم يتوقف زواله على إزالةِ الحاكمِ كحَجْرِ الجنونِ يزول بمجرد الإفاقة وهذا أَوْلى، وَقِيلَ: يُشْترَطُ فَكُّ الْقَاضِي، لأن الرشد يحتاج إلى نظر واجتهاد فأشبه حَجْرَ السَّفَهِ الطَّارِئ.

فَرْعٌ: الخلافُ جارٍ أيضًا فيما إذا بلغَ غيرَ رَشِيْدٍ ثُمَّ رَشَدَ.

فَائِدَةٌ: قال ابن الصلاح: الظاهر أن الشاهد بالرشدِ يكتفى بالعدالة الظاهرة؛ ولا يشترط أن يعرف الإتصاف بالباطنةِ.

فَلَوْ بَذَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ حُجِرَ عَلَيهِ، أيْ أُعِيْدَ الْحَجْرُ عَلَيهِ لقوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} أي أموالهم بدليل {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا} (١١٠) والذي يعيده هو القاضي فقط، وَقِيلَ: يَعُودُ الْحَجْرُ بِلاَ إِعَادَةٍ، كما لو جنّ، وَلَوْ فُسِّقَ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فِي الأصَحِّ، لأن الأوَّليْنَ لم يحجروا على الفَسَقَةِ بخلافِ الاستدامةِ، فإنَّ الحجر كان ثابتًا فبقى، والثاني: يحجر عليه إذا رأى المصلحة فيه كما لو عاد التبذير، وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ طَرَأَ فَوَلِيُّهُ الْقَاضِي، لأن ولاية الأب وغيره قد زالت فلا تعود، وينظر من له النظر العام، وَقِيلَ: وَليُّهُ فِي الصِّغَرِ، كمن بلغ مجنونًا، وَلَوْ طَرَأَ جُنُونٌ، فَوَليُّهُ وَليُّهُ فِي الصِّغَرِ، وَقيِلَ: الْقَاضِي، لتعليلهما كما سلف فيه، والفرق على الأصح: أن السَّفَهَ وزوالَهُ مُجْتَهَدٌ فيه، فاحتاج إلى نظر الحاكم، بخلاف الجنون.

فَصْلٌ: وَلاَ يَصِحُّ مِنَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ بَيْعٌ وَلاَ شِرَاءٌ، لمكان الحجر، وَلاَ إِعْتَاقٌ، أي ولو بكتابة لما قلناه، وَهِبَةٌ، أي وكذا قبولها على ما اقتضاه كلام الرافعى، لكن الأصح من زيادات الروضة الصحةُ، وَنكَاحٌ، أي يقبله، بِغَيْرِ إِذْنِ وَليُّهِ، فأَمَّا


(١١٠) النساء / ٥: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا}.

<<  <  ج: ص:  >  >>