للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصلح هي سبق الخصومة وقد حصلت، والثاني: لا يصح، لأن الصلح يتضمن المعاوضة، ومحال أن يقابل ملكه ببعضه.

وَلَوْ قَالَ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ خُصُومَةٍ: صَالِحْنِي عَنْ دَارِكَ بِكَذَا، فَالأَصَحُّ: بُطْلانهُ، لأن لفظ الصلح لا يطلق إلّا إذا سبقت خصومة، والثاني: يصح نظرًا إلى المعنى ولو استعملاهُ وأرَادَا به البيع كان كنايَةً، قاله الرافعي وخالفه صاحب المطلب، وَلَوْ صَالَحَ مِنْ دَيْنٍ عَلَى عَيْنٍ صَحَّ، لعموم الأدلة الدَّالَّةِ على الصلح. وقوله (عَلَى عَيْنٍ) صوابُهُ على غيره، فإنَّهُ قَسَّمَهُ بعدَ هذا إلى عَيْنٍ وَدَيْنٍ ويشترطُ في الدَّيْنِ أن يجوز الاعتياض عنه. فَإِن تَوَافَقَا، أي الدَّيْنُ المصالَحُ مِنْهُ والعوضُ المصالَحُ عليه، في عِلَّةِ الرِّبَا، كالصُّلْحِ عن الذهبِ والفضةِ ونحوه، اشْتُرِطَ قَبْضُ الْعَوَضِ في الْمَجْلِسِ، أي فمتى تفرقا قبل قبضه بطل الصلح، وَإِلَّا، أي، فَإِنْ كَانَ العِوَضُ عَيْنًا، أي وإن لم يتوافقا في علَّةِ الرِّبا كالذهب بالحنطة، لَمْ يُشْتَرَطْ قَبْضُهُ في المَجْلِسِ في الأَصَحِّ، أَوْ دَيْنًا، أي كصالحتك عن الذهب، أي الَّذي لي عليك بأردب قمح، اشْتُرِطَ تَعْيِينُهُ في الْمَجْلِسِ، وَفِي قَبْضِهِ الْوَجْهَانِ، لما سلف في الكلام على الاستبدال عن الثمن موجهًا بدلائله، وإن كان المالان ربويين في صورة الدَّيْن فلا بد من قبض العوض في المجلس، وَإِنْ صَالَحَ مِنْ دَينٍ عَلَى بَعْضِهِ فَهُوَ إِبْرَاءٌ عَنْ بَاقِيهِ، لأنه معناه وهذا صلحُ حُطَيْطَةٍ؛ وما تقدم صُلْحُ مُعَاوَضَةٍ.

فَرْعٌ: لو ضمن عشرة وصالح منها على خمسة رجع بها فقط وبرأ، وقد ذكره الرافعي في الضمان وتوقف فيه.

وَيصِح بِلَفْظِ الإِبرَاءِ وَالْحَطِّ وَنَحْوِهِمَا، أي كالإسقاط والوضع، لأنه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قال لكعب بن مالك: [ضَعْ عَنْ ابْنِ أَبِى حَدْرَدٍ] لَمَّا طَلَبَ مِنْهُ مَالَهُ الشَّطْرَ؛ متفق عليه من حديثه (١١٦)، وَبِلَفْظِ الْصُّلْحِ فِي الأَصَحِّ، لما تقدم في


(١١٦) • عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ كَعْبٍ؛ أَنَّهُ تَقاضَي ابْنَ حَدْردٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ =

<<  <  ج: ص:  >  >>