الحاجة؛ لم أَرَ مِنْ أصحابِنا من تعرض لها فاستفدها، فقال: سُمِّيَ الخلاء لاسم شيطانٍ موكلٍ بذلك الموضع اسمُه خلا وأورد فيه حديثاً مرفوعا من رواية بُريدة قال: [فَإِذَا أَتَيْتَ الْخَلاَ فَاعْلَمْ أَنَّكَ تَقْصِدُ الشَّيْطَانَ فَاحْذَرْكَيْدَهُ وأقِلْ مِنْ إِتْيَانِهِ بِقِلَّةِ الطَّعَامِ وَكُنْ وُجِلاً مُسْتَحِيًا مِنْ خَالِقِكَ مُسْتَحْقِرًا لِنَفْسِكَ] فقد قال فضيل ابن عياض: إنِّي لأَمْقُتُ (١٢٣) نفسي من كثرة ترددي إلى الخلاء؛ وعِظ نفسك حياءً من ربك، وامشِ متواضعًا متفكرًا في نعمة الله عليك حين أطعمكَ وسقاكَ؛ وأَخْرَجَهُ عَنْكَ حِيْنَ آذَاكَ، ولا تعدُ إليه عدْوًا من غير عذر، فقد روي أن من عدا إليه فكأنما استقبل الشيطان، وقِفْ على باب الخلاء وقلْ: اللهم اجعل دخولي عبرة، وأمط الأذى عني رحمة ترحمني بها، فعن أنس: أن الشيطان يتباعد عنك إذ ذاك، ولا تبصق في بولك، ولا على ما يخرج منك من العذرة، فقد روي: أنه يبتلى بالوسوسة وصفرة الأسنان، وعن عطاء أنه قال: مَنْ بصق على ما يخرج منه بلي بالدم هو وأولادُه أو
أحد من عَقبه، ولا يستاك على رأس الخلاء، فعن ابن عباس: أنه يورث النسيان، وعنه أنه من فعل ذلك فذهب بصرُه فلا يلومنّ إلاّ نفسه، ولا يمتخط، فعن أنس: أنه يورث الصمم، ولا تقلب خاتمك مرة بعد أخرى فقد روي: أنه يأوي إليه الشيطان، وتقوم موليًا عما يخرج منك، فقد روي: أن فيه شفاء من تسعة وتسعين داء أدناها البرص والجذام، وتجتهد أن تجعل بينك وبين السماء سترة، فعن الضحاك قال: إن من فعل ذلك أمطرت عليه الرحمة من عنان السماء، فماذا قمت اعتمد على يمينك،
فقد روي عن كعب أنه قال: يؤتى الحكمة. ولا تنظف فرجك بالأرض، فقد روي عن عقبة بن عامر: أن الأرض تخاصمه يوم القيامة، ولا تقتل قملة بل ادفنها؛ فقد روى محمد بن على بن أبي طالب أنه قال:[مَنْ قَتَلَ القَمْلَ وَهُوَ عَلَى رَأْسِ خَلاَئِهِ بَاتَ مَعَهُ فِي شِعَارِهِ شَيْطَانٌ يُنْسِيْهِ ذِكْرَ اللهِ أَرْبَعِيْنَ صَبَاحاً]، ولا تلقى ما تستنجي
(١٢٣) لَمَقَ (ل م ق) واللْمْقُ: اَلْكِتَابَةُ وَالْمَحْوُ، ضِدٌّ. وَضَرْبُ العَيْنِ بِالْكَفِّ خَاصَّةَ؛ والنظر وما ذاق لماقًا: شينًا. وما تَلَمَّقَ: مَا تَلَمَّجَ؛ واللَّمْجُ الأكلُ بأطرافِ الفَمِ. القاموس المحيط للفيروزآ بادي.