للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْكُفَّارِ بِالاغْتِنَامِ، وزاد القاضي جَهْرًا لِتَخْرُجَ السَّرِقَةُ، ولو حَبَسَ المالِكَ عن سقي ماشيته ونخيله فَتَلِفَا فالأصحُّ لا ضمانَ بخلاف فتح الزق عن جامدٍ وإذابت الشَّمْسِ مَا فِيهِ وَضَاعَ، لأَنَّهُ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي الْمَالِ، فَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً أَوْ جَلَسَ عَلَى فِرَاشٍ فَغَاصِبٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْ، لحصول غاية الاستيلاء وسواء قصد الاستيلاء أو لم يقصده كما صرح به في أصل الروضة، وَلَوْ دَخَلَ دَارَهُ، أي بأهلهِ على هيئةِ مَنْ يَقْصِدُ السُّكْنَى كما قَيَّدَهُ الرافعيُّ، وَأَزْعَجَهُ عَنْهَا، أَوْ أَزْعَجَهُ وَقَهَرَهُ عَلَى الدَّارِ، أي بالطريق الذي جعلناهُ قبضًا في بَيعِهَا، وَلَمْ يَدْخُلْ؛ فَغَاصِبٌ، أمَّا فِي الأُوْلَى: فسواء قَصَدَ الاستيلاء أم لا! لأنَّ وجودَ الاستيلاءِ يُغْنِي عَنْ قَصْدِهِ؛ وإذا اجتمعَ الإزعاجُ والدخولُ الْخَالِي عن هيئةِ السكونِ، فالأقربُ كما قاله صاحب المطلب: إنه غصبٌ، لأنه قرينةٌ دَالَّةٌ على الاستيلاءِ، وأمَّا في الثانية: فلأنها في قبضتِهِ عُرفًا؛ ولا بد من قصد الاستيلاء قاله الماوردي والإمامُ، وَفِي الثَّانِيَةِ: وَجْهُ وَاهٍ، أي أنه لا يكون غاصبا ما لم يدخل، وهذا مقتضى إطلاق الغزالي؛ وهو ما سلف للمصنف في حكايته كما قاله الإمام فأعلَمْهُ، وقوله (وَأَزْعَجَهُ وَقَهَرَهُ) احترز به عمَّا إذا لم يُوجد إلّا إزعاجٌ فقط؛ فإنه لا ضمانَ قطعًا كما قاله الإمام.

وَلَوْ سَكَنَ بَيتًا، وَمَنَعَ الْمَالِكَ مِنْهُ دُونَ بَاقِي الدَّارِ، فَغَاصِبٌ لِلْبَيتِ فَقَطْ، لقصور الاستيلاء عليه، وَلَوْ دَخَلَ بِقَصْدِ الاسْتِيلاءِ وَلَيسَ الْمالِكُ فِيهَا فَغَاصِبٌ، لحصول الاستيلاء في الحال، واحتَرزَ بالقصدِ عمَّا إذا دخلَ لا على قصدٍ، بل ينظر: هل تصلح له أو غير ذلك! فإنه لا يكون غَاصبًا، وَإِنْ كَانَ، وَلَمْ يُزْعِجْهُ؛ فَغَاصِبٌ لِنِصْفِ الدَّارِ، لاجتماع يَدِهِمَا واستيلائِهما، إلا أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا لَا يُعَدُّ مُسْتَوْلِيًا عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ، أي فإنه لا يكون غاصبًا لشيء منها لانتفاءِ الاستيلاءِ والحالةُ هذهِ.

فَصْلٌ: وَعَلَى الْغَاصِبِ الرَّدُّ، لقوله عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: [عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُوَدِّيَهُ] (١٥٠)، فَإِنْ تَلِفَ عِنْدَهُ ضَمِنَهُ، بالإجماع، نعم؛ لو كان التالف لا قيمةَ


(١٥٠) تقدم في الرقم (١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>