للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

له كالسرجينِ ونحوه فلا ضمان، والحربيُّ لا ضمان عليه.

وَلَوْ أَتْلَفَ مَالًا فِي يَدِ مَالِكِهِ ضَمِنَهُ، بالإجماع أيضًا، وَلَوْ فَتَحَ رَأْسَ زِقٍّ مَطْرُوحٍ عَلَى الأَرْضِ فَخَرَجَ مَا فِيهِ بِالْفَتْحِ، أَوْ مَنْصُوبِ، فَسَقَطَ بِالْفَتْحِ، أي بأن حَلَّ وكاءَهُ، وَخَرَجَ مَا فِيهِ ضَمِنَ، أما في الأُولى: فلمباشرةِ الإِتْلافِ، وأما في الثانية: فلأنه نَاشِئٌ عَنْ فِعْلِهِ، وَإِنْ سَقَطَ بِعَارِض رِيحٍ لَمْ يَضْمَنْ، لأنه لم يُوجد منهُ الخروجُ بفعلهِ، واحترز بالعارضِ عن المقارنِ فإنهُ مِن ضمانِ الفاتح كما أَشعَرَ بِهِ كَلامُهُ؛ وعروضُ الزَّلْزَلَةِ؛ ووقوعُ الطائرِ عليهِ كالريح؛ وحكم حَلِّ السفينة كالزق.

وَلَوْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ وَهَيَّجَهُ فَطَارَ ضَمِنَهُ، بالإجماع، وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْفَتْحِ فَالأَظْهَرُ أَنَّهُ إِذَا طَارَ فِي الْحَالِ ضَمِنَ، وَإِنْ وَقَفَ ثُمَّ طَارَ فَلَا، لأنه في الأول يشعر طيرانه بتنفيره، وفي الثاني يشعر باختياره، والثاني: يضمن مطلقًا، لأنه لولا الفتح لم يطر، والثالث: لا مطلقًا، لأن له اختيارًا.

وَالأَيدِي الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ أَيدِي ضَمَانٍ، وَإِنْ جَهِلَ صَاحِبُهَا الْغَصْبَ، لأَنَّ الْجَهْلَ لَيسَ مُسْقِطًا لَهُ وَقَدْ أَثْبَتَ يَدَهُ عَلَى مَالِ غَيرِهِ بِغَيرِ إِذْنِهِ، ثُمَّ إِنْ عَلِمَ، أي الثاني الغصبَ، فَكَغَاصِبِ مِنْ غَاصِبُ، فَيَسْتَقِرُّ عَلَيهِ ضَمَانُ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ، أَي فَيُطَالبُ بِكُلِّ مَا يُطَالبُ بِهِ الْغَاصِبُ، وَإِنْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِهِ فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيهِ، وَكَذَا إِنْ جَهِلَ، يعني الثاني الغصب، وَكَانَتْ يَدُهُ فِي أَصْلِهَا يَدَ ضَمَانٍ كالعَارِيَةِ، لأنه دخل في العقد على الضَّمَانِ فَلا غرور، وَإِنْ كَانَتْ يَدَ أَمَانَةٍ كَوَدِيعَةٍ، فَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ، لأنه دخل على أَنَّ يَدَهُ نَائِبَةٌ عَنْ يَدِ الْغَاصِبِ، وَمَتَى أَتْلَفَ الآخِذُ مِنَ الْغَاصِبِ مُسْتَقِلًّا بِهِ، أي بالإتلاف، فَالْقَرَارُ عَلَيهِ مُطلَقًا، أي سواء كانت يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ أَوْ أَمَانَةٍ، لأنَّ الإِتْلافَ أَقْوَى مِنْ إِثْبَاتِ الْيَدِ العَادِيَةِ، وقوله (مُسْتَقِلًّا) احترز به عما إذا حُمِلَ عليهِ وسيأتي على الأثرِ، وَإِنْ حَمَلَهُ الْغَاصِبُ عَلَيهِ؛ بِأَنْ قَدَّمَ لَهُ طَعَامًا مَغْصُوبًا ضِيَافَةً فَأكَلَهُ؛ فَكَذَا فِي الأَظْهَرِ، لأنَّهُ الْمُتْلِفُ، والثاني: أن القرارَ على الغاصبِ، لأنَّهُ غَرَّهُ، وَعَلَى هَذَا، يعني: القولُ الأظهرُ، لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>