للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُرَدُّ الْمَغْصُوبُ، فَإِنْ تَلِفَ فِي الْبَلَدِ الْمَنْقُولِ إِلَيهِ، طَالبَهُ بِالْمِثْلِ فِي أيِّ الْبَلَدَينِ شَاءَ، لتوجيه الطلب عليه بِرَدِّ العَينِ في الْمَوْضِعَينِ، فَإِنْ فُقِدَ المِثْلُ غَرَّمَهُ قِيمَةَ أَكْثَرِ الْبَلَدَينِ قِيمَةً، تغليظًا عليه، لأنه كان يجوز له المطالبة بالمثل فيها.

وَلَوْ ظَفِرَ بِالْغَاصِبِ فِي غَيرِ بَلَدِ التَّلَفِ؛ فَالصَّحِيحُ: أنَّهُ إِنْ كَانَ لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ؛ كَالنَّقْدِ؛ فَلَهُ مُطَالبَتُهُ بالْمِثْلِ، وَإِلَّا فَلَا مُطَالبَةَ بِالْمِثْلِ، لما فيه من الضرر، بَل يُغَرَّمُهُ قِيمَةَ بَلَدِ التَّلَفِ، قطعًا للنزاع، والثاني: يطالب بالمثل مطلقًا، والثالث: المنع مطلقًا، وهو مُخَرَّجٌ من كلام الوسيط.

وَأَمَّا الْمُتقوِّمُ؛ فَيُضمَنُ بِأَقْصىَ قِيمِهِ مِنَ الْغَصْبِ إِلَى التَّلَفِ، لأنه في حالة زيادة القيمة غاصب مطالب بالرد، فإذا لم يرد ضمن بدله، وتجبُ قيمتُهُ من نقد البلد الَّذِي تَلِفَ فِيهِ، وَفِي الإِتلافِ بِلا غَصْبٍ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ، أي إذا أتلفَ متقوَّمًا بلا غَصْبٍ لَزِمَهُ مَا ذَكَرَ، ووجهه: أنَّ ضمانَ الزائدِ في المغصوبِ إنَّما كَانَ بِالْيَدِ الْعَادِيَةِ وَلَمْ يُوْجَدْ هُنَا، فَإِنْ جَنَى وَتَلِفَ بِسِرَايَةٍ، فَالْوَاجِبُ الأَقْصَى أيضًا، أي إذا جنى وحصل التلف بتدرج وسرايةٍ واختلفت قيمته في تلك المدة، فإنْ جَرَحَ بهيمةً قيمتُها مائةٌ ثُمَّ تلفت وقيمتها خمسون لَزِمَهُ مائةٌ؛ لأنَّا إذا اعتبرنا الأقصَى في اليدِ العادِيَةِ فَلأنْ نَعْتَبِرَهُ في نفسِ الإتلافِ أوْلَى.

فَصْلٌ: وَلَا تُضْمَنُ الخَمْرُ، سواء كانت لِمُسْلمٍ أو ذِمِّيٍّ جازَ إِرَاقَتُهَا أَمْ لَا؟ إذ لا قيمة لها. والخنزير كالخمر، وكذا ما هو نَجِسُ الْعَينِ كالميتةِ؛ والنبيذُ كالخمرِ. وكذا الحشيشُ، إِنْ ثَبَتَ أَنَّهَا مُسْكِرَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَا تُرَاقُ عَلَى ذِمِّيٍّ، لأنهم مقرون على الانتفاع بها كذا علله في الكفاية، إلا أَن يُظْهِرَ شُرْبهَا أوْ بَيعَهَا، أي من مثله وكذا هبتها ونحو ذلك، لأنهُ عرَّضَها حينئذ لإراقتها، لأن عَقْدَ الذِّمَّةِ قَدْ جَرَى عَلَى مَنْع إِظهَارِهِمْ لَهَا، والإِظهَارُ: هُوَ الإِطِّلاعُ عَلَيهِ مِنْ غَيرِ تَجَسُّسٍ، قال الإمامُ: واستعمالهم للأوتار بحيث يسمعها من ليس في دُوْرِهِمْ إظهارٌ لها، وَتُرَدُّ عَلَيهِ إِنْ بَقِيَتِ العَينُ، أي إذا كان أخذها منه عند عدم الإظهار لما سبق من تقريرهم عليها،

<<  <  ج: ص:  >  >>