للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن تَلِفَتْ؛ فلا. ونسبَ الإِمامُ إلى المحقِّقِينَ: أن الواجبَ التَّمْكِينُ لا الرَّدُّ.

وَكَذَا الْمُحْتَرَمَةُ إِذَا غُصِبَتْ مِن مُسْلِمٍ، لأن له إمساكها لتصير خلًا، واحترز بالمحترمة عن غيرها، فإنها إذا غُصبت من مسلمٍ لا تُرَدُّ عليهِ وَتُرَاقُ، وَالأَصْنَامُ، أي وكذا الصُّلْبَانُ، وَآلاتُ الْمَلاهِي، أي كالطنبورِ، لَا يَجِبُ فِي إِبْطَالِهَا شَيءٌ، لأنها محرمةُ الاستعمالِ ولا حُرْمَةَ لِتِلْكَ الصَّنْعَةِ وروى البيهقي عن أبي حَصِين (أَنَّ رَجُلًا كَسَرَ طُنْبُوْرًا لِرَجُلٍ فَرَفَعَهُ إِلَى شُرَيحٍ فَلَمْ يُضَمِّنْهُ) (١٥١)، وَالأَصَحُّ: أَنَّهَا لَا تُكْسَرُ الْكسْرَ الْفَاحِشَ بَل تُفْصَلُ لِتَعُودَ كَمَا قَبْلَ التَّأْلِيفِ، لأنه إذا فَصَلَ الأجزاءَ كُلَّهَا زال الاسمُ وعسر العَوْدُ فكان أدْعَى إِلَى التَّرْكِ، والثاني: أنها تُكْسَرُ وَتُرَضُّ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى حَدٍّ لَا يُمْكِنُ إتِّخَاذُ آلَةٍ مُحَرَّمةٍ مِنْهُ. لا الأُوْلى وَلَا غَيرُهَا؛ لأنَّهُ أبْلَغُ فِي الزَّجْرِ عنِ العَوْدِ، فَإِنْ عَجَزَ الْمُنْكِرُ عَن رِعَايَةِ هَذَا الْحَدِّ؛ لِمَنْع صَاحِبِ الْمُنكَرِ أَبْطَلَهُ كَيفَ تَيَسَّرَ، أي وإن زاد على ما قُلْنَاهُ إذا لم يمكن بما دونه.

فَصْلٌ: وَتُضْمَنُ مَنْفَعَةُ الدَّارِ وَالْعَبْدِ وَنَحْوهِمَا بِالتَّفْويتِ وَالْفَوَاتِ فِي يَدٍ عَادِيَةٍ، لأنها مضمونة بالعقد الفاسد فتضمن بالغصب كالأعيان، ورأيتُ في فتاوى القفال: أنه لو غصب عبدًا محترفًا بحرفتين لا يلزمه أن يضمن أجر مثلهما، وَلَا تُضْمَنُ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ، أي وهو الفرج، إلا بِتَفْويتٍ، أي وهو الوطء، فَيَضْمَنُهُ بمهر المثل على تفصيل يأتي آخر الباب، ولا تضمن بالفوات تحتَ الْيَدِ، لأنَّ الْيَدَ لا تثبت عليها، وَكَذَا مَنفَعَةُ بَدَنِ الْحُرِّ فِي الأصَحِّ، لأنه لا يدخلُ تحتَ اليدِ فمنافعُهُ تفوتُ تحتَ يَدِهِ، والثاني: أنها تضمن بالفوات أيضًا، لأنها تَتَقَوَّمُ بالعقد الفاسد فأشبهت منافع الأموالِ، وَإذَا نَقَصَ الْمَغْصُوبُ بِغَيرِ اسْتِعْمَالٍ، أي كعمي العبدِ وسقوطِ اليدِ بآفةٍ سماويةٍ، وَجَبَ الأرْشُ مَعَ الأُجْرَةِ، للنقص والفوات، وتجب أجرته سليمًا قبل حدوث النقصان، ومعيبًا لما بعد حدوثه، وَكَذَا لَوْ نَقَصَ بِهِ، أي بالاستعمال، بِأَنْ


(١٥١) رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب الغصب: باب من قتل خنزيرًا أو كسر صليبًا: الأثر (١١٧٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>