للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَلَى الثَّوْبُ، أي باللبس، فِي الأَصَحِّ (•)، كما لو حصل النقصان بسبب آخر، والثاني: لا يجب إلّا أكثر الأمرين من أجرة المثل وأرش النقصان، لأن النقصان نشأ من الاستعمال وقد قوبل الاستعمال بالأجرة؛ فلا يجب له ضمان أحر، والقائل بالأول يقول الأجرة ليس في مقابلة الاستعمال؛ بل في مُقَابَلَةِ الفوات.

فَصْلٌ: ادَّعَى تَلَفَهُ وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ؛ صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ عَلَى الصَّحِيح، لأنه قد يعجز عن البينة وهو صادق فَيَتَخَلَّدُ حَبْسُهُ، وهذا عند إطلاقه دعوى التلف؛ فإن قيده بسبب ظاهر فَلَا يَبْعُدُ أَن يُحْبَسَ حتى يُقِيمَ بَيِّنَةً بِالتَّلَفِ لإِمْكَانِهِ، والثاني: يُصَدَّقُ المالك، لأن الأصلَ البقاءُ، فَإِذَا حَلَفَ غَرَّمَهُ الْمَالِكُ فِي الأصَحِّ، لعجزه عن حقه بيمين الغاصب، والثاني: لا، لبقاء العين في زعمه، وَلَو اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ، يعني مع الاتفاق على الهلاك، أَوْ فِي الثِّيَابِ الَّتِي عَلَى الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ أَوْ فِي عَيبٍ خَلْقِيٍّ، بأن قال ولد أكمه أو أعرج أو عديم اليد، صُدِّقَ الْغاصِبُ بيَمِينِه، أما في الأُولى: فَلأَنَّ الأصْلَ بَرَاءَةُ ذِمِّتِهِ عَنِ الزِّيادَةِ، وعلى المالك البَيِّنَةُ، وَأما في الثانية: فلثبوت يده، فإن العبدَ وما عليه في يد الغاصب، وأما في الثالثة: فَلأَنَّ الأصْلَ الْعَدَمُ وَتَمَكُّنَ الْمَالكِ الْبَيِّنَةَ، وخرج بالعبدِ الحرُّ الصغير الَّذِي يظهر تصديق الولي، لأن الأصح أن يد غاصبِ الحرِّ وسارِقُهُ لا تثبت على ثيابه، وَفِي عَيبٍ حَادِثٍ، أي كما إذا قال أقطع أو سارقًا، يُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ فِي الأصَحِّ، لأن الأصل والغالب السلامة، والثاني: يُصَدَّقُ الْغَاصِبُ، لأن الأصل براءة الذمة، وقوله (الأَصَحِّ) مُخَالِفٌ لِمَا في الروضة والرافعي فإن فيهما أنه أظهر القولين.

فَصْلٌ: وَلَوْ رَدَّهُ نَاقِصَ الْقِيمَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيءٌ، لأن الفائت رغبات الناس فقط، والمغصوب باقٍ بحاله، وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشْرَةٌ، فَصَارَتْ بِالرُّخْصِ دِرْهَمًا، ثُمَّ لَبِسَهُ فَأَبْلاهُ، فَصَارَتْ نِصْفَ دِرْهَمٍ فَرَدَّهُ، لَزِمَهُ خَمْسَةٌ، وَهِيَ قِسْطُ التَّالِفِ مِنْ أَقْصَى الْقِيَمِ، لأن بالاستعمال انسحقَتْ أجزاءٌ مِن الثوبِ وتلكَ الأجزاءُ في هذهِ


(•) في نسخة (٣): على الأصَحِّ بدل في الأصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>