للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ كَوْنُ الْمَالِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ خَالِصَةً، بالإجماع كما اعتمده الجويني؛ فلا يكون من غيرهما، ويجوز أن يكون دراهم ودنانير معًا، فَلا يَجُوزُ عَلَى تِبْرٍ وَحِلِيٍّ، لاختلاف قيمتهما كالعروض، وَمَغْشُوشٍ، أي وإن راجت وعُلِمَ ما فيها من الخالص، وجوَّزنا التعامل بها؛ لأنها نقدٌ وعرضٌ وهي مُتَقَوِّمَةٌ. قال الجرجاني: وهذا إذا كان الغِشُّ ظاهرًا، فَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا، فيجوز؛ لأنه كالمعدومِ، وفي وجهٍ: يجوز اعتبارًا برواجهِ وعليه عَمَلُ الناسِ والحاجةُ دَاعِيَةٌ إِلَيهِ، وَعُرُوْضٍ، أي مثليًّا كان أو متقوِّمًا لاختلاف قيمته.

فَرْعٌ: لا يجوزُ جَعْلُ المنافعَ رَأْسُ مَالِ قِرَاضٍ كَسُكْنَى الدَّارِ وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْعَرْضِ.

وَمَعْلُومًا، أي قدرًا وصفةً، فلا يجوز على دراهم مجهولةِ القدرِ أو الصفةِ للجهل بالربح بخلاف رأس مالِ السَّلَمِ؛ لأنه لم يوضع على الفسخِ بخلافهِ، مُعَيَّنًا، أي فلو قال: على ألف درهم ولم يُعَيِّنْهُ لم يَصح إذا لم يُعَيِّنْهُ في المجلسِ، فإنْ عَيَّنَهُ فيه، فمقتضى كلام الشرح الصغير ترجيحُ الجوازِ، ولا يجوز أن يعارضَهُ على دَينٍ أيضًا كما سلف، وَقِيلَ: يَجُوزُ عَلَى إِحْدَى الصُّرَّتَينِ، أي بأن أحضرهما وفي كل منهما ألف مثلًا، وقال: قَارَضْتُكَ عَلَى أحَدِهِمَا لِتَسَاويهِمَا، والأصحُّ: المنعُ؛ لعدم التعيين كما في البيع، وَضَبَطَ المُصَنِّفُ بِخَطِّهِ الصُّرَّتَينِ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ بَعْدَ الصَّادِ فَإِيَّاكَ أنْ تُصَحِفَهُ، وَمُسَلَّمًا إِلَى الْعَامِلِ، أي بحيث يستقلُّ باليدِ عليه والتصرفُ فيهِ.

فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ كَوْنِ الْمَالِ فِي يَدِ الْمَالِكِ، أن يُوَفى الثمن إذا اشترى العاملُ شيئًا، لأنه قد لا يجده عند الحاجة، وَلَا عَمَلِهِ، أي عَمَلَ الْمَالِكِ، مَعَهُ، لأن وضع القراض؛ مالٌ من المالك وعملٌ من العاملِ، فالجمع بينهما على ربِّ المال ينافي مقتضاه، لأن بعض الربح يكون له بعمله وبماله.


= في السيرة النبوية: حديث تزويج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خديجة رضي الله عنها: باب خروجه - صلى الله عليه وسلم - إلى الشام في تجارة خديجة وما كان من بحيرى: ج ١ ص ١٩٩. والبيهقي في دلائل النبوة: باب ما كان يشتغل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يتزوج خديجة: ج ٢ ص ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>