للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ربحِها لِرَبِّ المَالِ، والعاملُ وَكِيل مَتَبَرع، وعلى الأولِ لا يستحقُّ أُجرةَ مِثلَ تَصَرُّفِهِ على الأصح، لأنهُ عملَ مجانا كَمَا ذَكَرَهُ المصنفُ فِي الفصلِ الآتي، وكونُهُ معلُوما، أي ويشترط كون الاشتراك معلومًا فلا يجوز كرنه مجهولًا كما سيأتي، بِالْجُزئيةِ، أي كالنصف والثلثِ مثلًا، ويشترطُ كونُ العلم به من حيثُ الجُزْئيَّةِ لا من حيثُ التقديرِ فلو قال: لكَ من الربح أولى مِنْهُ درهم أو مائةٌ والباقي بيننا نصفين فَسَدَ الْقِرَاضُ، لأنه ربما لا يربحُ إلّا ذلك القدر فيختص أحدُكما بهِ، فلَوْ قَال: عَلَى أن لَكَ فيهِ شِركَة أَوْ نَصِيبا فَسَدَ، للجهل بالعوض، أوْ بَينَنَا فَالأصَحُّ الصّحةُ، ويكُون نِصفَينِ، كما لو قال: هذه الدارُ بَيني وَبَينَ فُلان، فإنها تجعل بينهما نصفين، والثاني: الفسادُ، لأنه يحتملُ أنه بينهما مناصفةً أو مثالثةً فكان مجهولًا فبطل، وَلَوْ قَال: لِيَ النِّضفُ، أي وسكت عن جانب العامل، فَسَدَ فِي الأصَحِّ، لأنه ذكر لنفسهِ بَعضَ الربْح الذِي هُوَ مَالِك لِجَمِيعِهِ، فلم يكن فيه بيان ما للعامل، والثاني: يَصِحُّ حملًا على موجب القراض من اشتراكهما في الربح، فَبَيَانُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا يُظْهِرُ الآخَرَ، كقوله تعالى {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأمهِ الثلُثُ} (١٦٢) فإنَّ فيه دلالة على أن الباقي للأبِ، وَإِن قَال: لَكَ النِّصفُ، أي وسكت عن جانبه، صَح عَلَى الصحِيح، لأنَّ الربْحَ نَمَاءُ المَالِ فمقتضاهُ أَنَّ جميعَهُ لِرَبِّ الْمَالِ، فإذا شَرَطَ لِلْعَامِلِ مِنْهُ شَيْء معلوم بَقِيَ الباقي لمالك الأصلِ، والثاني: لا يصح، لأنه لم يُبَيِّنْ مَا لَهُ مِن المالِ. وَلَوْ شَرَطَ لأحَدِهِمَا عَشْرَةً أَوْ رِبحَ صِنفٍ فَسَدَ، لأنُّ الربحَ قد ينحصرُ في العشرةِ أو في ذلك المصنف فَيُؤَدِّي إلى أَنْ يفوزَ أحدُهُما بربح الجميع وهو خلاف وضع القراض.

فَصل: يُشْتَرَطُ إيجَاب وَقبول، كما في سائر العقود وَتَسَمَّحَ المصنفُ بقوله (يُشْتَرَطُ) فإنهما رُكنانِ وما أحسنَ قولَ الْمُحَرَّرِ: لَا بُدَّ فِي الْقِرَاضِ مِنْهُمَا لدلالة (فِي) على الدخُولِ فِي الْمَاهِيَّةِ، وَقِيلَ: يَكْفِي الْقَبُولُ بِالْفعلِ، أي فيما إذا قال: خُذْ هذِهِ الدَّرَاهِمَ واتجر فِيها عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَينَنَا كَذَا، فَأخَذَ كالوكالةِ والْجُعَالةِ والأصَحُّ


(١٦٢) النساء / ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>