للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لاقْتِضَاءِ الْعُرفِ ذَلِكَ فينزلُ مُطْلَقُ الْعَقْدِ عَلَيهِ، وَكَذَا النقْصُ بِالتعيِيبِ وَالْمَرَضِ الْحَادِثَينِ، وَكَذَا لَوْ تَلِفَ بعضُهُ بآفَةٍ، أي سماوية كالحريقِ ونحوهِ، أَوْ غصب أَوْ سَرِقةٍ، أي وَتَعَذرَ أخذُ البدلِ، بَعْدَ تَصَرُّفِ الْعَامِلِ فِي الأصَحّ، لأنه نُقْصَان حَصَلَ فِي الْمَالِ فَكَانَ مَجبورًا بِالريح كَالنُّقْصَانِ الحَاصِلِ بالتعيِيبِ وبِانْخِفَاضِ السُّوقِ، والثاني: لا، لأنهُ نُقْصَان لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِتَصَرُّفِ الْعَامِلِ وَتِجَارَتهِ بِخِلافِ الْحَاصِلِ بِانْخِفَاضِ السوقِ، والأكثرونَ قطعُوا بِالْجَبْرِ في الآَفةِ السماويةِ وَخَصُّوا (•) الوجهيِن بالباقي، والفرقُ أنَّ في الضمانِ الواجبِ ما يجبرهُ فلا حاجةَ إلى الجبرِ بمالِ القِراضِ بخلاف الآفة، أَما إِذَا أَخَذَ الْبَدَلَ فَإنَّ الْقِرَاضَ يَسْتَمِرُّ فِيهِ، واحترز بقوله (تَلِفَ بَعضُه) عن تَلَفِ كلِّهِ بآفةٍ، فإِن القِرَاضَ يَرتَفِعُ، وكذا لو أَتْلَفَهُ المالكُ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ أَخَذَ بَدَلَهُ وَاسْتَمَر، وَإِنْ أَتْلَفَهُ الْعَامِلُ فَتَرَدَّدَ، وَإِن تَلِفَ قَبلَ تَصَرفِهِ فَمِنْ رَأسِ المالِ فِي الأصَح، لأنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَأَكَّدْ بِالْعَمَلِ، والثاني: مِنَ الربح؛ لأَنهُ بِقَبْضِ الْعَامِلِ صَارَ مَال قِرَاض، وَهذَا مَا رَوَاهُ الْمُزَنِيُّ فِي جَامِعِهِ الْكَبيرِ.

فَصلٌ: لِكُل فَسْخُهُ، لأنهُ فِي ابْتِدَائِهِ وَكَالة وَفِي انْتهائِهِ إِمَّا شَرِكَة أوْ جُعَالة وَكلها عُقودٌ جَائِزَةٌ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ جُن أَوْ أغْمِيَ عَلَيهِ انْفَسَخَ، كالوكالة، وَيَلْزَمُ الْعَامِلَ الاستِيفَاءُ، أي استيفاءُ الدَّينِ، إِذَا فَسَخَ أَحَدُهُمَا، لِيَرَدَّ كَمَا أَخَذَ، وَتَنْضِيضُ رَأسِ المالِ إِن كَان عَرضًا، أي وهو بَيعُهُ بالناض وهو النقْدُ لِمَا قُلناهُ، وَقِيلَ: لَا يلزَمُهُ التنضيضُ إِذَا لَمْ يَكُنْ رِبْح، لأن غَرَضَ الْبَيع أَنْ يَظهرَ الرّبْحُ لِيَصِلَ الْعَامِلُ إِلَى حَقهِ مِنْهُ فإذا لم يكنْ ربح وارتفعَ العقدُ لم يحسن تكليفهُ بلا زِيَادَةِ فَائدةٍ وَالأصَحُّ الأولُ لِمَا سَلَفَ، وَلَو اسْتَرَدَّ الْمَالِكُ بعضهُ قَبْلَ ظُهُورِ رِبْح وَخُسْرَان رَجَعَ رَأسُ المالِ إِلَى الْبَاقِي، لأنه لم يتركْ في يَدِهِ غيره، وإِنِ استَرَد بَعدَ الربْح فَالْمسترد شَائع رِبْحًا، وَرَأسَ مال، أي على النسبة الحاصلة من جملة الربح وَرَأسِ الْمَالِ، وَيَسْتَقِرُّ مِلْكُ الْعَامِلِ عَلَى مَا يخصُهُ بِحَسْبِ الشّرطِ مما هو رَبِحَ مِنْهُ فلا


(•) في النسخة (١): حَفُّوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>