للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا يُسَافِرُ بِالمَالِ بِلا إِذْنِ، أي وَإِنْ كَانَ السَفَرُ قَرِيبًا وَالطرِيقُ آمِنًا وَلَا مُؤنَةَ فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْخَطَرِ وَالتعَرض لِلْهلاكِ، ولا يجوز لهُ رُكُوبُ البحرِ إلا أَنْ ينصَّ عليه قالهُ في الروضة، وَلَا يُنفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ حَضَرًا، لاقتضاء العرف ذلكَ. وَكَذَا سَفَرًا فِي الأظْهرِ، كالحَضَرِ، والثاني: يُنْفِقُ ما يزيدُ بِسَبَبِ السَّفَرِ، لأنهُ حَبَسَهُ عنِ التَّكَسُّبِ بِالسَفَرِ لأجْلِ القِرَاضِ فأشبه حَبْسَ الزَّوْحَةِ بِخِلافِ الحَضَرِ.

وَعَلَيهِ فعلُ مَا يُعتَادُ كَطَيِّ الثوبِ؛ وَوَزْنِ الْخَفِيف كَذَهب وَمِسك، لأن العُرفَ قاض بِهِ كما تقدم أيضًا في أوائل الباب، لَا الأمتِعَةِ الثقِيلَةِ وَنَحوُهُ، أي كنقل المتاع من الخانِ إلى الحانوتِ لجَرَيَان العرفِ بالاستئجارِ لذلكَ، وَمَا لَا يَلْزَمه لَهُ الاسْتِئْجَارُ عَلَيهِ، أَي مِنْ مَالِ القِرَاضِ؛ لأنهُ مِنْ تَتمَةِ التجَارَةِ وَمَصَالِحِها فَلَو تَوَلاهُ بِنَفْسِهِ فَلَا أجْرَةَ لَهُ، أَمَّا مَا يَلْزَمُهُ فَلَهُ الاسْتئْجَارُ عَلَيه أَيضًا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الإِمَامُ فِي آخِرِ الْوَصِيَّةِ لكن الأجرةُ عَلَيهِ.

فَصل: وَالأظهر أن الْعَامِلَ يَملِكُ حِصتَهُ مِنَ الربْح بِالقِسمَةِ لَا بِالظُّهُورِ، لأنه لَوْ مَلَكَها قَبْلَ القِسمَةِ لَصَارَ شَريكًا لِلمَالِك حَتى لَوْ هلَكَ شَيء مِنْهُ هلَكَ مِنَ المَالينِ، وَلَيسَ كَذَلِكَ؛ بَلِ الربحُ وقَايَة لِرَأسِ المَالِ، والثاني: أَنهُ يَملِكُها بِالظهُورِ كَرَبِّ المَالِ، وقياسًا على المُسَاقَاةِ، وقد فَرعَ المصنفُ على الخلافِ في بابِ زكاةِ التجارةَ زكاةَ مَالِ القِراضِ فَرَاجِعهُ، وإذا قُلنا بالثاني؛ فليس مِلكًا مُستقرًا، نَعَم؛ في حصولِ الاستقرارِ بارتفاع العقدِ ونضوضِ المالِ مِنْ غيرِ قسمةِ، وجهان أصَحهُمَا نَعَم؛ فلو اقتسما الربحَ بالتراضِي قَبْلَ فَسخ العَقْدِ لَم يَحصَلِ الاسْتِقْرَارُ بَلْ يحصُلُ خُسْرَان بَعدَهُ؛ كَانَ عَلَى الْعَامِلِ جَبْرُهُ بِمَا أَخَذَ، وإذا قلنا بالأول فله فيهِ حق مؤكد حتى يورثَ عَنْهُ. وثمار الشَّجَرِ؛ وَالنتاج؛ وَكَسبُ الرقِيقِ؛ وَالمَهرُ الحَاصِلَةُ مِن مَالِ القِرَاضِ يَفُوزُ بِها الْمَالِكُ، لأنها ليسَت مِنْ فَوَائِدِ التجَارَةِ، وَقِيلَ: مَالُ قِرَاض، لأنها حَاصلَة بِسَبَبِهِ، وَبهذَا جَزَمَ الإمَامُ، وَتَوَابِعُهُ أَنها مِنْ فَوَائِدِهِ فَهِىَ مِنَ الربح عَلَى الأصح، وَالنْقصُ الحَاصِلُ بِالرُخْصِ مَحسُوب مِنَ الربح مَا أَمكَنَ وَمَجبورٌ بِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>