للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صِحَّةُ الْمُسَاقَاةِ بَعْدَ ظُهُورِ الثمَرِ، لأنهُ أَبعَدُ عَنِ الْغَرَرِ بِالوُثُوقِ بِالثمَارِ فَهُوَ أوْلَى بِالْجَوَازِ، والثانِي: لَا يَصِح؛ لِفَوَاتِ بعضِ الأعمَالِ، وَصحَّحَهُ الْمَحَامِلِي وَقَال الْمَاوَردِيُّ: إنهُ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهبِ الشافِعِيِّ وَالأصَحُّ عَلَى أَصلِهِ، لَكِن قَبلَ بُدُوِّ الصلاح، أَي أمَّا بَعدَهُ، فَالأَصَحُّ الْقَطْعُ بِالْمَنْع، لأنهُ قَد فَاتَ مُعظَمَ الأعمَالِ وَالْمُسَاقَاةُ عَقْدُ عَمَلٍ.

وَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى وَدِيِّ لِيَغْرِسَهُ ويكُون الشجَرُ لَهُمَا لَمْ يَجُز، لأنهُ تَعلِيق لِلْمُسَاقَاةِ عَلَى صِفَةٍ؛ وَالْوديُ: صِغَارُ النخْلِ، وَلَوْ كَان، يَعنِي الوديَ، مَغرُوسًا وَشَرَطَ لَهُ جُزْء مِنَ الثمَرِ عَلَى الْعَمَلِ، فإن قَدرَ لَهُ مدَّةً يُثْمِرُ فِيها غَالِبًا صَحَّ، أي وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ أَكثرِ الْمدَّةِ لَا ثَمَرَ فِيها كَمَا لَوْ سَاقَاهُ عَشْرًا وَالثمَرَةُ يَغْلِبُ وُجُودُها فِي الْعَاشِرَةِ خَاصَّة، وَإِلا فَلَا، أي وَإِنْ قَدَّرَ مُدَّة لَا يُثْمِرُ فِيها غَالِبًا لَمْ يَصُحُّ لِخُلُوها عَنِ الْعِوَضِ كَالْمُسَاقَاةِ عَلَى الأشْجَارِ التِي لَا تُثمِرُ، وَقِيلَ: إِن تَعَارَضَ الاحتِمَالان، أَي احتِمَالُ الأثْمَارِ وَعَدَمِهِ، صَح، لأن الثمَرَةَ مَوْجُودَة، فَإِنْ أثْمَرَتِ اسْتَحَق، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ وَالأصَحُّ المَنْعُ، لأنهُ عَقْدٌ عَلَى عِوَضٍ غَيرِ مَوْجُودٍ، وَلَا الظاهِرُ وُجُودُهُ فَأَشبه السلَمَ فِيمَا لَا يُوْجَدُ غَالِبًا، وَلَهُ مُسَاقَاةُ شَرِيكِهِ فِي الشجَرِ، إِذَا شَرَطَ لَهُ زَيادَةَ عَلَى حصتِهِ، أي كَمَا إِذَا كَانَ بَينَهُمَا نصفَينِ وَشَرَطَ لَهُ ثُلُثَي الثمَرِ؛ فَكانْ شَرَطَ لَهُ نِصفَ الثّمَارِ أوْ ثُلُثُها لَمْ يَصحَ، وإنهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ عِوَضًا بِالمُسَاقَاةِ فَإِنهُ يَستَحِقُّ النّصفَ بِالْمِلْكِ.

فَرعٌ: لَوْ شَرَطَ أَنْ يَتَعَاوَنَا فِي الْعَمَلِ فَسَدَتْ؛ فَمَحِلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنّفُ إِذَا اسْتَبدَّ بِالْعَمَلِ.

فَصلٌ: ويشتَرَطُ أَن لَا يَشْتَرِطَ عَلَى الْعَامِلِ مَا لَيسَ مِنْ جِنس أعمَالِها، أي التي جَرَتْ عَادَةُ الْعَامِلِ بِعَمَلِها، كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يَبْنِيَ لَهُ جدرَانَ الحَدِيقَةِ؛ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَصُح، لأنهُ اسْتِئْجَار بِعِوَضِ مَجْهُولٍ وَاشْتِرَاطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ، وَأَن يَنْفَرِدَ بِالعَمَلِ، أَي فَلَو شَرَطَا مُشَارَكَةَ الْمَالك بِالعَمَلِ فَسَدَ الْعَقدُ، وَإِن شَرَطَا أنْ يَعمَلَ مَعَهُ غُلامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>