وعلى هذا؛ فإن السُّنَّةَ بَيَّنَتْ المراد الشرعي، فتكون دلالة (إلى) فيه كما أراد الشارع؛ وليس من الضرورة تكلف هذا التفصيل وما ذهب إليه بعض الفقهاء في معنى (إلى) سيما أن السنة بيان لقصد مراد الشارع في الأحكام. والله أعلم. * أما قولهم (إلى) بمعنى (مع) فهو مما لا سبيل لوضع حرف موضع حرف في التأويل على الصحيح، وإنما يكون كلُّ حرف بمعناه، وتتصرف معاني الأفعال، ويكون معنى التأويل فيها لا في الحروف؛ لأن الحرف يدل على معنى بغيره لا بنفسه، أي في دلالة سياق النص، ويأخذ الأصولي دلالته في القواعد من تقريرات السياق كما سيأتي إن شاء الله. * أما قولهم في تأويل قوله تعالى: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} قال السدي والثوري وغيرهما: المعنى مع الله. قال الحسن: من أنصاري في السبيل إلى الله. وهذا القول على بابها، هو الجيد قاله القرطبي وابن عربي المالكي رحمهما الله. وقيل معناه: مَن أنصاري فيما يُقَرِّبُ إلى الله. * أما تأويل قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ}. قال القرطبي: قال ابن فورك عن الحسن: تَأَوَّلَ النَّاسُ في هذه الآية النهي الخلط فاجتنبوه مِن قِبَلِ أنفسهم، فخفف عنهم في آية البقرة -أي قوله تعالى: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة / ٢٢٠]- وقالت طائفة من المتأخرين: إنَّ (إلى) بمعنى مع؛ كقَوله تعالى: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} وليس بجيد، وقال الحذاق: (إلى) على بابها وهي تتضمن الإضافة؛ أي لا تضيفوا أموالهم إلى أموالكم في الأكل. إهـ. فالمعنى: اغسلوا أيديكم مضافة إلي المرافق؛ وقد روى الدَّارقطني عن جابر: أَنَّ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا تَوَضَّأَ، أدَارَ الْمَاءَ عَلَى مِرْفَقَيْهِ، فيتحقق هذا المعنى. * قال القرطبي: ولما كان اليد والرجل تنطلق في اللغة على ما ذكرنا، كان أبو هريرة يبلغ بالوضوء إبطه وساقه؛ ويقول سمعت خليلى - صلى الله عليه وسلم - يقول: [يَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنَ =