للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُدَّةُ إِمْكَانِ السَّيرِ إِلَيهِ، لأن المكري مَكَّنَهُ مِنَ الانتفاعِ بأقصَى المقدورِ عليهِ فَتَسْتَقِرُّ الأُجرةُ كما لو كان الضبطُ بالمدةِ، وَسَوَاءٌ فِيهِ إِجَارَةُ الْعَينِ وَالذِّمَّةِ إِذَا سَلَّمَ الدَّابَّةَ الْمَوْصُوفَةَ، لتعين حَقَّهِ بالتَّسليمِ وحُصولِ التَّمْكِينِ، وَتَسْتَقِرُّ فِي الإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بِمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ الْمُسَمَّى فِي الصَّحِيحَةِ، أي سواء أنتفع أم لا؟ وسواء كانت أُجرةُ المثلِ أَقَلَّ مِنَ الْمُسَمَّى أمْ أكثر؟ لأنَّ العقدَ الفاسدَ كالبيعِ وغيرهِ كالصحيحِ في الضمانِ كما ذكرهُ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّهْنِ فكذا الإجارةُ.

فَرْعٌ: لو خَلَّى الأجير بَينَهُ وَبَينَ الْعَينِ وَسَلَّمَ إليهِ مفتاحَ البابِ لم يلزمه أُجرة؛ فإن التَّخْلِيَةَ ليست مضمونةً في العقودِ الفاسدةِ بخلاف الصَّحيحةِ.

وَلَوْ أَكْرَى عَينًا مُدَّةً وَلَمْ يُسَلِّمْهَا حَتَّى مَضَتِ انْفَسَخَتْ، لفوات المعقود عليه قبل قبضه، وَلَوْ لَمْ يُقَدِّرْ مُدَّةَ وَأَجَّرَ لِرُكُوبِ إِلَى مَوْضِعٍ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ السَّيرِ؛ فَالأَصَحُّ أنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ، لأنَّ هذهِ الإِجارةَ متعلقةٌ بالمنفعةِ لا بالزمانِ ولم يتعذر استيفاؤها، والثاني: تنفسخُ، كما لو حَبَسَهَا المكتري، وَلَوْ أَجَّرَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَالأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ الإِجَارَةُ، لأنه أَجَّرَ مِلْكَهُ ثم طَرَأَ ما يزيله فأشبه موته بعد الإجارة، والثاني: ينفسخُ كموتِ البطنِ الأولِ وهو ضعيفٌ كما صَرَّحَ به في الروضة لا كما اقتضاهُ إيرادهُ هُنا، وَأَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْعَبْدِ، أي في فَسْخِ الإجارةِ بعد العتقِ، لأن السيد تصرف في خالص ملكه فلا وجه للاعتراض عليه، والثاني: له الخيار كما لو أُعْتِقَتِ الأَمَةُ الْمُزَوَّجَةُ بِرَقِيقٍ، وَالأَظْهَرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِأُجْرَةِ مَا بَعْدَ الْعِتْقِ، لأنه تصرفٌ في منافعهِ حين كانت مستحقة له بعقدٍ لازمٍ فصار كما لو زَوَّجَ أَمَتَهُ وَاسْتَقَرَّ مَهْرُهَا ثُمَّ عُتِقَتْ؛ لا ترجعُ بشيءٍ لِمَا يستوفيه الزوجُ بعد العتقِ، والثاني: يرجع، لأن المنافعَ تستوفي منه قهرًا فصار كما لو أكرهه سَيِّدُهُ على العملِ، ويصِحُّ بَيعُ الْمُسْتَأجَرَةِ لِلْمُكْتَرِي، لأنها في يده من غير حائل فأشبه بيعَ المغصوبِ من الغاصبِ، وَلَا تَنْفَسِخُ الإِجَارَةُ فِي الأَصَحِّ، لأنَّ الْمِلْكَ لَا يُنَافِيهَا وَلِهَذَا يَسْتَأْجِرُ مِلْكَهُ مِنَ الْمُسْتَأْجِرِ، والثاني: أنها تنفسخُ؛ لأنه إذا ملك الرقبةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>