للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك إذا لم يَضُرَّ بالمسلمينَ، والثاني: لا، لأنه لا يجوز أن يحمي لنفسهِ فلا يحمي لغيره كغيرهِ (•) من الرعية وعكسه النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له أن يحمى لنفسه ولم يفعله فكان له أن يحمي لغيره، وخرج بالإمام الآحادُ؛ وبقوله لِرَعِي نَعَمٍ إلى آخرهِ الحمى لنفسه وبه صَرَّح بعدُ، ودخل في قوله الإمامُ نَائِبُهُ، وَأَن لَهُ نَقْضَ مَا حَمَاهُ لِلْحَاجَةِ، رعايةَ للمصلحةِ، والثاني: لا، لِتَعَيُّنهِ لتلكَ الجهةِ كالمسجدِ والمقبرةِ. أما ما حماهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا ينقض بحال لأنهُ نَص، وبه قطعَ صاحبُ الرَّوْنَقِ وَقَال: بحوازهِ لا حَق غيرهِ من الأئمةِ إلا الخلفاءُ الأربعةُ؛ فقال فيهم قولان؛ أصحهما: أنه لا يجوز، وهذا غريب، وَلَا يَحمِي لِنَفْسِهِ، لأن ذلك من خصائصه عَلَيهِ أَفْضَلُ الصلاةِ وَالسَّلامِ ولم يقع ذلك فيه ولو وقع لكان أيضًا لمصلحةِ المسلمينِ؛ لأن ما كان مصلحة له فهو مصلحة لَهُمْ.

فَصْلٌ: مَنْفَعَةُ الشارِع، أي الأصْلِيَّةِ، الْمُرُورُ، أي وهو مستحق للناس كافة، وَيَجُوزُ الْجُلُوس بِهِ لاسْتِرَاحَةٍ وَمُعَامَلَة وَنَحْوهِمَا، أي كالانتظارِ، إِذَا لَمْ يُضيق عَلَى الْمَارَّةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ إِذْن الإمَامِ، لاتفاق الناس عليه على تلاحقِ الأعصارِ مِنْ غيرِ نكير، وقد ذَكَرَ المصنفُ المسألةَ في الصُّلْح وعير عن الشَّارع بِالطرِيقِ، وَلَهُ تَظْلِيلُ مَقْعَدِهِ بِبَارِيَّه، أي وهي المنسوجةُ من القصبِ بتشديدِ المثناة تحت على الأفْصَح، وَغَيرِهَا، أي مما ينقل معه كثوبٍ، لأن ذلك لا يضر بالمارةِ، فإن كان بِنَاء لم يجز، وَلَوْ سَبَقَ إِلَيهِ، أي إلى الشارِع، اثْنَانِ، أي وَتَنَازَعَا في موضع مِنهُ كصفة، أقْرِعَ، لعدم المزيةِ، وَقِيلَ: يُقَدمُ الإِمَامُ بِرَأيِهِ، كمالِ بيتِ المالِ.

فَرْعٌ: في ثبوتِ هذا الارتفاقِ لأهل الذمة وجهان؛ والذي يَظَهَرُ ثُبوتَه، لأنَّ ضَرَرَهُ لَا يَتَأبَّد.


= رواه البخاري في الصحيح: كتاب المساقاة: باب لا حمى إلا لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -: الحديث (٢٣٧٠). والشَرَفُ: القرى التي تقترب من المدن؛ وقيل: القرى التي بين بلاد الريف وجزيرة العرب، قيل ذلك لأنها أشرفت على السواد، قال ابن الملقن في التحفة: والسَرِف بمهملة ومعجمة؛ وهو تصحيف.
(•) هذه الزيادة في (١) فقط وبها يتم المعنى، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>