للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وخرجَ بالعين الفُقَرَاءُ كما ذكرهُ بعدُ، ولا بد في الموقوفِ عليه أن يكونَ موجودًا، وعبارة الْمُحَرَّر: وجَمَاعَةٍ بَدَلَ جَمْعٍ وهي أحسنُ لدخولِ الاثنينِ فيها، فَلَا يَصِحُّ عَلَى جَنِينٍ، أي بخلاف الوصيَّةِ لأنها تتعلق بالمستقبل، والوقفُ تسليطٌ في الحالِ، وَلَا عَلَى الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ، لأنَّهُ تمليكٌ مُنَجَّزٌ فلا يصحُّ كالبيعٍ، فَلَوْ أطْلَقَ الْوَقْفَ عَلَيهِ فَهُوَ وَقْفٌ عَلَى سَيِّدِهِ، أي إذا تَمَّ بالقبولِ كما لو أوصَى لهُ أو وهبَ لَهُ.

فَرْعٌ: الوقفُ على الرقيقِ الموقوفِ لسدانة الكعبة وخدمة قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صحيحٌ على الأصحِّ.

وَلَوْ أَطْلَقَ الْوَقْفَ عَلَى بَهِيمَةٍ لَغَا، لأنها ليست أهلًا للملك بحال، وَقِيلَ: هُوَ وَقْفٌ عَلَى مَالِكهَا، كما لو وقف على العبد، وَيَصِحُّ عَلَى ذِمِّيٍّ، أي معين كما تجوز الوصية له، لَا مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ، لأنهما مقتولان، والوَقْفُ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ فلا يوقفُ على مَن لا يَبْقَى، كما لا يوقفُ مَا لَا يَبْقَى، وَنَفْسِهِ، لتعذر تمليكِ الإنسانِ مِلْكَهُ لِنَفْسِهِ، فِي الأَصَحِّ، أي في المسائل الثلاث المذكورة، ووجهُ الجوازِ في المرتدِّ والحربيِّ القياس على الذِّمِّيِّ. وفي الوقف على نفسِهِ؛ أنَّ استحقاقَ الشئِ مِلكًا غير استحقاقِهِ وَقْفًا، وقد يُقْصَدُ حَبْسُهُ ومنعُ نفسه من تصرفِ المزيلِ للملك، وقيل: إنْ وَقَفَ على نفسهِ وغيرِهِ جَازَ قياسًا على المسجدِ والهَدْيِ والأُضحية، فإنه إذا قال: على أن لا يصلى فيهِ غيري فَبَاطِلٌ، وإن قال: أُصَلِّي فيهِ أَنَا وغَيري جَازَ، حكاهُ ابنُ خَيرَانَ في لطيفه ومنه نقلتُهُ، وصوَّرَ الماورديُّ المسألةَ بما إذا قاك: وقفتُ هذِهِ الأرضَ أو الشجرَةَ على الْفُقَرَاءِ، وشرطَ أنْ يأكُلَ من مغل الأرضِ أو ثمرةِ الشجرة غَنِيًّا كان أو فَقِيرًا، وقطعَ بالبطلانِ فيما إذا قَال: وَقَفْتُ عَلَى نَفْسي وَسَكَتَ، وحكى قولين فيما إذا قال: وقفت على نفسي ثُمَّ الفقراء والحيلة على المذهبِ في وقفهِ على نفسهِ أنْ يقفَ على أولادِ أبيهِ الَّذِينَ مِنْ صِفَتِهِمْ كَذَا وَيَذكُرَ أَوْصَافًا تَقْتَضِي حَصْرَ الْوَقْفِ فِيهِ فيصحُّ، وَيَحْصِلُ مَقْصُودَهُ أوْ يَرْفَعَهُ إِلَى حَاكِمٍ يَرَى ذَلِكَ فَيَحْكُمَ لَهُ بِهِ، وفي فَتَاوَى القَفَّالِ: أنهُ لَوْ وَقَفَ أرْضًا وَشَرَطَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا مَا احْتَاجَ إِلَيهِ جَازَ وَلَا يَبْطلُ بِهِ الْوَقْفُ، وَلَهُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>