للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَأْكُلَ مِنْهُ بِخِلافِ مَا إِذَا شَرَطَ أنْ يَأْكُلَهُ كُلَّهُ إِذَا احْتَاجَ إِلَيهِ، وقال: مَرَّةً هَذَا الشَّرْطُ أعْنِي الأوَّلُ نافذٌ كذا رويتُهُ عَنْ جَمِيعِ مَشَايِخِي والقضاةِ، وما رأيتُ أحدًا أنكرَ هذا فهو كالإجماع مِنْهُمْ، وإِنْ وَقَفَ عَلَى جِهَةِ مَعْصِيَةٍ كَعِمَارَةِ الْكَنَائِسِ فَبَاطِلٌ، لما فيه من الإعانة على المعاصي، وهذا في كنيسة بُنِيَتْ للتعبدِ، أما المعدَّةُ لنزولِ المارَّةَ، فالجمهورُ على أنهُ يجوزُ أنْ يُوصِي ببناءِ كنيسةٍ يَنْزِلُهَا أَهْلُ الذِّمَّةِ كما نقلهُ عنهُم في المطلبِ، قال: فيشبه أنْ يكون له الوقف كذلك فيأتي فيه الخلاف، وفي فتاوى القفال: أنَّ اليهوديَّ إذا وقفَ ضيعةً على عمارةِ الكنيسةٍ فإنَّ الوقفَ باطلٌ، فإن رُفع إلينا مَكَّثَّاهُ من بيعهِ أوْ كانَ الواقفُ قَدْ ماتَ ولا وارثَ لهُ كان ذلك فَيئًا كما لو مَاتَ ذِمِّيٌّ ولا وارثَ لهُ، قال: وعلى هذه العلَّة يجوزُ للإمامِ بيعُ الكنائسِ لأنها لا يُعْرَفُ لها مَالِكًا فيكونُ فَيئًا، وقال في موضع آخر منها: أمَّا ما كانَ وَقْفًا عَلَيهَا قَبْلَ الْبِعْثَةِ فَإِنَّهُ يُقَرُّ وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ كَالْكَنَائِسِ، أَوْ جِهَةِ قُرْبَةٍ، أي على جهةٍ يَظْهَرُ فِيهَا قَصْدُ الْقُرْبَةِ؛ لأنَّ الْوَقْفَ كُلَّهُ قُرْبَةٌ، كَالْفُقَرَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ صَحَّ، لظهور مقصود الوقف، أَوْ جِهَةٍ لَا تَظْهَرُ فِيهَا الْقُرْبَةُ كَالأغْنِيَاءِ صَحَّ فِي الأصَحِّ، بناءً على أنَّ المرعيَّ في الوقفِ على الجهةِ العَامَّةِ التَّمْلِيكُ كَمَا فِي الوَصِيَّةِ، لَا القربةَ، والثاني: لا، بناءً على مقابلهِ، قال الرافعيُّ: والأحسنُ أنَّهُ يصحُّ على الأغنياءِ؛ ويبطل على اليهودِ والنصارَى وسائرِ الْفُسَّاقِ لِتَضَمُّنِهِ الإعانةَ على المعصيةِ، قال صاحبُ المطلبِ: وهو صحيحُ ببادِئ الرَّأْيِ، ولكنه ناظرٌ في الأغنياءِ لقصدِ التمليكِ، وفي أهلِ الذِّمَّةِ لِقَصْدِ القربةِ وهو كإحداثِ قولٍ بعدَ إجماعِ الأوَّلينَ على قولينِ. في المسألة تَتِّمَاتٍ يَتَعَيَّنُ عَلَيكَ مُرَاجَعَتُهَا مِنَ الأصْلِ.

فَائِدَةٌ: رأيتُ في فتاوي الحناطي وقد سئل: هل يصح الوقف على دارٍ أو حانوت مُعَيَّنَينِ؟ فأجاب: إنهُ لا يصحُّ إلا أنْ يقولَ: وقفت على هذه الدار على أن يأكل فوائدها طارقوها، فيصح على أظهر الوجهين.

وَلَا يَصحُّ إِلَّا بِلَفْظٍ، كغيرِهِ مِن التَّمْلِيكَاتِ، نَعَمْ لو بَنَى مسجدًا في مَوَاتٍ كَفَتٍ النِّيَّةُ، كما قاله الماوردي؛ لأنَّ المواتَ لم يدخل في مِلك المحييِّ لَهُ مسجدًا، وأما للبناءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>