للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصارَ لَهُ حكمُ المسجدِ بطريقِ التَّبَعِيَّةِ وخالفَ الفارقيُّ في ذلكَ.

فَرْعٌ: إشارةُ الأخرسِ المُفْهِمَةُ كالنُّطْقِ، كما ذكره المصنفُ في البيع وغيرِهِ.

وَصَرِيحُهُ: وَقَفْتُ كَذَا أَوْ أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ عَلَيهِ، لأنه موضوع له، وأشار بقوله وَقَفْتُ وَمَوْقُوفَةٌ إلى أنه لا فَرْقَ بين الفعلِ وما يُشْتَقُّ منهُ، وَالتَّسْبِيلُ وَالتَّحْبِيسُ صَرِيحَانِ عَلَى الصَّحِيحِ، لكثرةِ استعمالهما واشتهارهما شرعًا وعُرفًا، والثاني: أنهُمَا كنايتان؛ لأنهما لَمْ يَشْتَهِرَا اشتهار الوقفِ، والثالث: أنَّ التَّحْبِيسَ صَرِيحٌ وَالتَّسْبِيلَ كِنَايَةٌ.

وَلَوْ قَال: تَصَدَّقْتُ بِكَذَا صَدَقَةً مُحَرَّمَةَ أَوْ مَوْقُوفَةً أَوْ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ فَصَرِيحٌ فِي الأصَحِّ، لانصرافهِ بهذا عن التمليك الْمَحْضِ، والثاني: أنه كنايةٌ، لأنه صريحٌ في التمليكِ المحضِ المخالفِ لمقصودِ الوقفِ، والخلافُ في الثانية بعيدٌ، عِوَضًا عن كونِهِ قَويًّا، لأنَّهُ قَطَعَ بصراحةِ لفظِ الوقفِ عند الانْفِرَادِ، فما ظَنُّكَ بحالةِ الاجتماعِ مع غَيرِهَا، نَعَمْ هو ظاهرٌ فيما لو قال: صدقةٌ مؤبَّدَةٌ، وَقَوْلُهُ: تَصَدَّقْتُ فَقَطْ، لَيسَ بِصَرِيحٍ وَإنْ نَوَى، لتردُّدِ اللَّفظِ بينَ صدقِةِ الْفَرضِ وَالتَّطَوُّع وَالصَّدَقَةِ الْمَوْقُوفَةِ، إِلَّا أن يُضِيفَ إِلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ وينْويَ، أي بأنْ قال: تَصَدَّقْتُ بِهَذَا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَإنَّهُ يَصِيرُ وَقْفًا على الأصحِّ، لأنَّ الصدقةَ بمعنى الْهِبَةِ لا تَصُحُّ مِنْهُمْ، فانصرفَ إلى ما يَصِحُّ إِضَافَتُهُ إِليهِمْ حَذَرًا مِن إِلْغَاءِ اللَّفظِ وهو الوَقْفُ، ومقتضى كلام المصنف أنه إذا أَضَاف إلى جهةٍ عامَّةٍ ونَوَى، صارَ صريحًا؛ ولفظُ الْمُحَرَّرِ بخلافهِ، فإنه قال: ولو نَوَى لَمْ يَحْصَلِ الْوَقْفُ أيضًا إلّا إذا نَوَى إلى جهةٍ عَامَّةٍ، وكذا عبارةُ الشَّرْحِ، واحْتَرَزَ بِالْجِهَةِ الْعَامَّةِ عَنِ الْمُعَيَّنِ، فإنهُ لا يكونُ وَقْفًا على الأصَحِّ، بل ينفذ فيما هو صريحٌ فيه وهو التمليك المحض، كذا قاله الإمامُ وفيه بحثٌ للرافعيِّ، وَالأصَحُّ: أَنَّ قَوْلَهُ حَرَّمْتُهُ أَوْ أَبَّدْتُهُ لَيسَ بِصَرِيحٍ، لأنَّهُمَا لا يُستعملان مستقلَّينِ وإنما يؤكدُ بهما الألفاظَ السَّابقةَ، والثاني: أنهما صريحان لإِفَادَتِهِمَا الغرضَ كَالتَّحْبِيسِ وَالتَّسْبِيلِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: جَعَلْتُ الْبُقْعَةَ مَسْجِدًا، تَصِيرُ بِهِ مَسجِدًا، لإشعارِهِ بالمقصودِ

<<  <  ج: ص:  >  >>