للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واشتهاره فيهِ، والثاني: لَا تَصِيرُ، لِفَقْدِ الألْفَاظِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وقد وَصَفها بما وَصَفها الشَّرعُ حيثُ قال: [جُعِلَتْ لِيَ الأرْضُ مَسْجِدًا] (١٨٩) وهو ما عليه الأكثرُ كما أوضحتُهُ في الأصلِ، قال في الكفاية: ومحل الخلافِ إذا خَلا عن نِيَّةِ الْوَقْفِ، أما إذا نَوَى بقوله جَعَلْتُهَا مَسْجِدًا الْوَقْفَ صارَتْ مَسْجِدًا قاله القاضي، وَأنَّ الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ قُبُولُهُ، لأنَّهُ يَبْعُدُ دُخُولُ عينٍ أو منفعةٍ في مِلْكِهِ قَهْرًا وعلى هذا فَلْيَكُنْ مُتَّصِلًا بالإيجابِ كما في البيعِ، والثاني: أنهُ لا يُشترطُ كالعتقِ وهو ظاهر نَصِّهِ في الأُمِّ وهو المختارُ، والثالث: الفرقُ بين البطن الأَوَّلِ وغيره، وَلَوْ رَدَّ بَطَلَ حَقُّهُ شَرَطْنَا الْقُبُولَ أَمْ لَا؟ كالوصية والوكالة، وقال البغويُّ وصاحبُ الكافي: لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ، وهو متجهٌ، كما قال ابنُ الصلاح، واقتصرَ المصنفُ على بُطْلانِ حَقِّهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ بَطَلَ حَقُّهُ مِنَ الْغَلَّةِ أَوْ مِنَ الْوَقْفِ، وبالأول قال الماورديُّ والصحيحُ الثَّانِي، واحترزَ المصنفُ بقوله أولًا على (مُعَيَّنٍ) عمَّا إذا كان الوقفُ على جهةٍ عامَّةٍ كالفقراءِ أو جهةِ تَحْرِيرٍ كَالْمَسْجِدِ، فإنه لا يُشترطُ القَبُولُ قَطْعًا لِتَعَذُّرهِ، قال الرافعي: ولم يجعلوا الحاكم نائبًا في القبولِ كما جُعِلَ نائبًا عن المسلمينَ في استيفاءِ القِصَاصِ والأمْوَالِ ولو صَارُوا إليه لَكَانَ قَرِيبًا.

فَرْعٌ: في اشتراطِ القَبْضِ في الوقفِ على الْمُعَيَّنِ وَجْهَانِ كالوجهينِ في اشتراطِ القَبُولِ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ للموقوفِ عليهِ اشْتُرِطَ، وإن قلنا لله تعالى فلا على المشهورِ المنصوصِ، كما قاله صاحبُ المطلب، وقال في الروضة: شَذَّ الْجُرْجَانِيُّ حيثُ قال: إذا كان على شخصٍ، وَقُلْنَا الْمِلْكُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيهِ افْتَقَرَ إِلَى قَبْضِهِ كَالْهِبَةِ.

فَصْلٌ: وَلَوْ قَال: وَقَفْتُ هَذَا سَنَةَ فَبَاطِلٌ، لفسادِ الصيغةِ لأنَّ وَضْعَهُ لِلتَّأْبِيدِ، ولو قال: وقفتُ هذا على زَيدٍ سَنَةً وبعدَ السَّنَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، قال العمراني: ظاهرُ كلامِ ابنِ الصَّبَّاغِ أنَّهُ يَصِحُّ قَطْعًا، ومن هنا شَرَعَ الشيخُ في الشرائطِ؛ لأنَّ الأركانَ فرعٌ مِنْهَا وهي الواقفُ والموقوفُ عليهِ والصيغةِ، وَلَوْ قَال: وَقَفْتُ عَلَى


(١٨٩) تقدم في الرقم (٢٤٨) من الربع الأول: كتاب الطهارة: باب التيمم.

<<  <  ج: ص:  >  >>