للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْلادِي أَوْ عَلَى زَيدٍ، ثُمَّ نَسْلِهِ، وَلَمْ يَزِدْ، فَالأظْهَرُ صِحَّةُ الْوَقْفِ، لأنَّ مقصودَ الوقفِ الْقُرْبَةُ والدَّوَامُ فإذا بَيَّنَ مَصْرِفَهُ ابتداءً سَهُلَتْ إِدَامَتُهُ، وهذا هو المسمَّى منقطعُ الانتهاءِ، والثاني: بطلانُهُ؛ لأنهُ لم يُؤَبِّدْهُ ولم يردْهُ إلى ما يدوم فكان كالتأقيت، والثالث: إن كان حيوانًا صحَّ إذ مصيره إلى الهلاك فربما هلكَ قبل موت الموقوف عليه بخلاف العقار، فَإِذَا انْقَرَضَ الْمَذْكُورُ، فَالأظْهَرُ: أَنَّهُ يَبْقَى وَقْفًا، لأنَّ وَضْعَ الوقفِ الدَّوَامُ، والثاني: ينقطعُ الوقفُ ويعودُ مِلْكًا للواقفِ أو إلى ورثَتِهِ إنْ كانَ ماتَ، لأن إقرارَ الوقفِ بلا مصرف متعذرٌ، وإثباتُ مصرفٍ لم يتعرَّضْ لهُ الواقفُ بعيدٌ فَتَعَيَّنَ ارتفاعُهُ، وَأنَّ مَصْرِفَهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَى الْوَاقِفِ يَوْمَ انْقِرَاضِ الْمَذْكُورِ، لأنَّ الصَّدَقَةَ على الأقاربِ أفضلُ لما فيه من صلةِ الرَّحِمِ، فكان الصرفُ إليهم أهمُّ، فإنْ لَمْ يَكُونُوا، صُرِفَ إلى الفقراءِ قالهُ المتولّي وابنُ الصَّلاحِ، والمعتبرُ قُرب الرَّحمِ، وقيل: باستحقاق الإرثِ، وقيل: بالجوازِ، حكاهُ القاضي، والأظهرُ أنهُ يختصُّ بفقراءِ الأقاربِ، ومقابلُ الأظهرِ في كلام المصنِّفِ ثلاثةُ أقوالٍ؛ أحدُها: أنَّ مصرِفَهُ إلى المساكين، وثانيها: إلى المصالح العامَّةِ، وثالثها: إلى مستحقِّي الزكاةِ خاصَّة، وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ مُنْقَطِعَ الأَوَّلِ؛ كَوَقَفْتُهُ عَلَى مَن سَيُولَدُ لِي، فَالْمَذْهَبُ: بُطْلانُهُ، لأنَّ الأولَ باطلٌ لعدمِ إمكانِ الصرفِ إليهِ في الحالِ، والثاني: فرعُ الباطل، والطريق الثاني فيهِ قولانِ: وجهُ الصِّحَّةِ أنَّ الأوَّلَ لَمَّا بَطَلَ صَارَ كالمعدومِ وكان الثاني مبتدأً بِهِ وطريقُهُ القطعُ صَحَّحَهَا الجمهورُ، كما أفاده في المطلب فلهذا قَدَّمْتُهَا، والرافعي لم يصحِّحْ واحدًا من الطريقين، أَوْ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ؛ كَوَقَفْتُ عَلَى أَوْلادِي، ثُمَّ رَجُلٍ، ثُمَّ لِلْفُقَرَاءِ، فَالْمَذهَبُ: صِحَّتُهُ، هذا الخلاف مرتبٌ على منقطعِ الآخرِ، فإن صححناهُ، فهذا أَولى، وإلّا فوجهان أصحهما: الجوازُ، ويصرِف عند توسطِ الانقطاعِ إلى مَنْ صَرَفْنَاهُ إليهِ هناكَ؛ كما سبقَ بالخلافِ فيهِ، وَلَو اقْتَصَرَ عَلَى، قولِهِ: وَقَفْتُ، أي ولم يذكر الصرفَ، فَالأَظْهَرُ: بُطْلانُهُ، لأن جهالة المصرفِ مُبْطِلَةٌ فعدمُ ذكرها أَوْلى، والثاني: يصح كما لو قال: أوصيتُ بِثُلُثِ مَالي واقتصرَ عليهِ، فإنَّهُ يَصِحُّ ويصرفُ إلى الفقراءِ، واستشكلَ الرافعيُّ الفَرْقَ، وَفَرَّقَ في الروضةِ بأنَّ الوصيةَ مبنيةٌ على

<<  <  ج: ص:  >  >>