للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَهُ بَيعُهَا للضرورةِ ولا يجوزُ هِبَتُهَا لا من الراهنِ ولا من غيرِهِ كما صَرَّحَ به الرافعيُّ في بابِهِ.

وَهِبَةُ الدَّينِ لِلْمَدِينِ إِبْرَاءٌ، أي ولا يحتاج إلى قبولٍ عَلَى الْمَذْهَبِ اعتبارًا بالمعنى، وقيل: يحتاجُ اعتبارًا باللفظ، وَلغَيرِهِ بَاطِلَةٌ في الأصَحِّ، كالبيع وَصَحَّحَ في الروضة القطعَ بِهِ، والثاني: صحيحةٌ بناءً على صِحَّةِ رَهْنِهِ.

وَلَا يُمْلَكُ مَوْهُوبٌ إلا بِقَبْضٍ, لأنه رُوي عن جمعٍ من الصَّحَابَة، نقلَهُ صاحبُ المغني الحنبليِّ عن الخلفاءِ الأربعةِ منهُمْ، ولا مخالفَ لهم وكالقرض، وفي قولٍ: يُمْلَكُ بِالْعَقْدِ، وكلامُ المصنِّفِ في باب الاستبراءِ يُوْهِمُ تَرْجِيحَهُ (•) كما ستعلمُهُ هناك إن شاء الله تعالى، وفي ثالث: أنَّه موقوفٌ، فإن قبض تَبَيَّنَّا أنهُ مَلَكَ بالعقدِ، بِإِذْنِ الْوَاهِبِ، أي فلو قبض من غير إذنه لم يجزْ ولم يملكه قياسًا على الرَّهْنِ، وَيَضْمَنُهُ سواءً قبضَ في مجلس العقدِ أو بعده، قال القاضي وغيرُه: ولا يتوقف على إقباضٍ خلافًا للماوردي، وكيفيَّةُ القبضِ في المنقولِ والعقارِ كما مَرَّ في البيع. فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، أي الواهب أو الموهوب له، بَينَ الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ، أي فيتخير في الأولى في الإقباض؛ ويقبضُ وارثُهُ في الثَّانية إنْ أَقْبَضَهُ الواهِبُ؛ ولا ينفسخ العقدُ لأنه عقد يَؤُوْلُ إلى اللزومِ، فلَمْ يَنْفَسِخْ بالموتِ كالبيع المشروطِ فيه الخيارُ، وَقِيلَ: يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ، لجوازهِ، كَالشَّرِكَةِ وَالْوَكَالةِ وقد أسلفتُ الفَرْقَ؛ فإنَّه يَؤُوْلُ إلى اللزومِ بخلافهما.

فَرْعٌ: الخلافُ جارٍ في جُنونِ أحدهِمَا وإغمائِهِ.

فَصْلٌ: ويُسَنُّ لِلْوَالِدِ الْعَدْلُ في عَطِيّةِ أَوْلَادِهِ، لِئَلَّا يُفضي بهم الأمرُ إلى العقوقِ، فإنْ تَرَكَ العدلَ فقد فَعَلَ مكروهًا، وقال ابن حبان: فعل حرامًا، نَعَمْ لو تفاوت أولاده في الحاجةِ فليس فيهِ المحذورُ السَّالِفُ كما نبَّهَ عليه صاحبُ المطلبِ


(•) في النسخة (٣): حيث قال: ولو قضى زمَنَ استبراء قبل القبض.

<<  <  ج: ص:  >  >>