للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ: لو وَهَبَ له عَصِيرًا فَصَارَ خمرًا ثُمَّ صارَ خَلًّا فالصحيحُ الرجوعُ.

وَلَوْ زَادَ رَجَعَ فِيهِ بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ, لأنها تتبعُ الأصلَ، لا الْمُنْفَصِلَةِ، أي كالكَسْبِ لأنها حَدَثَتْ في خالِصِ مِلْكِهِ.

وَيَحْصُلُ الرُّجُوعُ بِرَجَعْتُ فِيمَا وَهَبْتُ أَو اسْتَرْجَعْتُهُ أَوْ رَدَدْتُهُ إِلَى مِلْكِي أوْ نَقَضْتُ الْهِبَةَ، أي وما أَشْبَهَهُ كَأَبْطَلتهَا, لأنَّ ذلك كله يفيدُ المقصودَ. قال الرويانيُّ: وصريحُهُ رَجَعْتُ وكنايته أَبْطَلْتُ الْهِبَةَ وَفَسَختهَا، وقال القاضي: الفَسْخُ صريحٌ، وذكر البندنيجي تبعًا للشيخ أبي حامد: أنَّ كُلَّمَا كانَ رُجوعًا في الفَلَسِ كان رُجوعًا في الهِبَةِ وما لا فَلَا، لا بِبَيعِهِ؛ وَوَقْفِهِ؛ وَهِبَتِهِ؛ وَإِعْتَاقِهِ؛ وَوَطْئِهَا في الأصَحِّ، لِكَمَالِ مِلْك الابنِ بدليل نفُوذ تَصَرُّفهِ، والثاني: أنَّهُ رُجوعٌ وينفذُ التصَرُّفُ كما أن هذه التَّصَرفَاتِ فَسْخٌ للبيع في زَمَنِ الخِيَارِ، وَالأَوَّلُ فَرّقَ بِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ ضَعِيفٌ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنّفُ في الْهِبَةِ ظَاهِرٌ إِنْ وُجِدَ مَعَهَا إِقْبَاضٌ، فإنْ لم يوجدْ فَهَلْ يلتحقُ بما إذا قبضَ أو يقطعُ بأنَّهُ لا يكون رُجُوعًا؟ فيه احتمال لصاحبِ المطلبِ، قال الإمامُ: ولا خلافَ أنَّ الوطءَ حرامٌ على الأبِ وإن قَصَدَ به الرُّجُوعَ لاستحالةِ اسْتِبَاحَةِ الوَطْءِ لِشَخْصَينِ.

وَلَا رُجُوعَ لِغَير الأُصُولِ في هِبَةٍ مُقَيَّدَةٍ بِنَفْي الثَّوَابِ، لما سلف، وقوله (مُقيَّدَةِ بِنَفْي الثَّوَابِ) ومقصودُهُ بِهِ بَيَانُ مُجْمَلِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الكلامِ فيه؛ إلى لا تُسَلَّطُ للأجنبيِّ على الرُجوع فيها، ومقصودُهُ أَيضًا التدَرجُ إلى الكَلامِ في الثَّوَابِ، وَمَتَى وَهَبَ مُطلَقًا، يعني ولم يُقيِّدْهُ، فَلَا ثَوَابَ إِن وَهَبَ لدُونهِ، أي في الرُّتْبَةِ إذ لا يقتضِيهِ لفظٌ ولا عادةٌ، وذلك كهبةِ الأميرِ والقاضي لمن دُوْنَهُمَا، والثوابُ هو العوضُ، وَكَذَا لأَعْلَى مِنْهُ في الأَظْهَرِ، أي كما إذا وَهَبَ الْمَرؤُوْسُ لِلرَّئِيسِ, لأنَّهُ لو أعَارَهُ دَارًا لا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ شيءٌ فكذلكَ إذا وَهَبَ إِلْحَاقًا لِلأعْيانِ بِالْمَنَافِع، والثاني: يجبُ الثوابُ لإطراد العادَةِ بِهِ، وأصلُ الخلافُ أنَّ العادَةَ الجاريَةَ هل تُجْعَلُ كَالْمَشْرُوطَةِ؟ وفيه قولان، وَلنَظِيرِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ, لأنَّ القصدَ في مثلِهِ الصِّلَةُ وتأكيدُ الصَّدَاقَةِ، هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>