للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أصحُّ الطرُقِ، وقيل: يُطْرَدُ الخلافُ السابقُ، لأَنَّ الأَقْرَانَ لا يَتَحَمَّلُ بَعْضُهُمْ مِنَّةَ بَعْضٍ عَادَة، بَلْ يُعَوِّضُونَ، وقيل: إِنْ قَصَدَ الثَّوَابَ اسْتَحَقَّهُ، وإلا فقولان حكاهُ صاحبُ البَيَانِ، فَإِنْ وَجَبَ، يعني الثَّوابَ، فَهُوَ قِيمَةُ الْمَوْهُوبِ في الَّأصَحّ؛ لأنَّ العقدَ إذا اقتضى العوضَ ولم يَسَمِّ فيه، وَجَبَتْ فيه القِيمَةُ كَالنِّكَاح، وعلى هذا فَالأصَحُّ اعْتِبَارُ قِيمَةِ يَوْمِ الْقَبْضِ لا يومَ الثوابِ ولا تلزمُ القيمةُ على ما صَحَّحَهُ المصنفُ بل الموهوب له مخيرٌ بين دفعها وَردِّ الموهوبِ إذا طلبَ الواهبُ القيمةَ، فإن لم يطلبها لم يكن له الرَّدُّ؛ وليس للواهبِ استرجاعُ الموهوب إذا بَذَلَ الموهوبُ لَهُ القِيْمَةَ، والوجه الثاني: أنَّه أقلُّ ما يتموَّلُ لوقوع اسم الثوابِ عليهِ، وهذا الوجهُ لم يعمل بمقتضى اللفْظِ، فإنَّهُ لا يَقتضِي عِوَضًا الْبَتَّةَ ولا بمقتضى الْعُرْفِ إذ يَسْتَقْبِحُ أهلُ العُرْفِ دَفْعَ أقلَّ ما يتموَّلُ عند إهداءِ الكبرِ، والثالث: أنَّهُ مَا يُعَدُّ ثوابًا لمثلِهِ في العادَةِ، والرابع: ما يَرضى به الواهِبُ، وقول المصنف (فَهُوَ قِيمَةُ الْمَوْهُوبِ) كان يَنْبَغِي له أنْ يقول قَدْرَ قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ كما عبَّر بهِ في الْمُحَرَّرِ, لأنَّ الواجبَ القيمةُ نَفْسُهَا، وكيف يكون ذلك والموهوبُ قد يكون مثليًّا.

فَرْعٌ: لا ثوابَ في الصدقةِ بِكُلِّ حَالٍ، وأما الهديَّةُ فالظاهرُ أنّها كالهبةِ كما ذكرهُ في الروضة من زوائدِهِ، وكأَنَّهُ ذَكَرَهُ تَفَقُّهًا، وقد صَرَّحَ به البندنيجي كما أفادَهُ في الكفاية.

فَإِن لَمْ يُثِبْهُ فَلَهُ الرجُوعُ، أي إن كان الموهوب بحاله لقوله عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قال: [مَنْ وَهَبَ هِبَةً فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا] صححه الحاكم (٢٠٥)، فإن كان تَالِفًا فالرجوعُ إلى القيمةِ.

وَلَوْ وَهَبَ بِشَرْطِ ثَوَابٍ مَعْلُومٍ، أي كَوَهَبْتُكَ هَذَا عَلَى أنْ تُثِيبنِي كَذَا، فَالأظْهَرُ:


(٢٠٥) رواه الحاكم في المستدرك: كتاب البيوع: الحديث (٢٣٢٣/ ١٩٤)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، إلَّا أن نَكِلَ الحَمْلَ فيه على شيخنا. ووافقه الذهبي في التلخيص.

<<  <  ج: ص:  >  >>