للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في ذلك على العادةِ، يُعَرِّفُ أَوَّلًا كُل يَومٍ طَرَفَي النَّهَارِ ثُمَّ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً ثُمَّ كُلَّ أُسْبُوعٍ، أي مَرَّةً أو مَرَّتَينِ، ثُم كُل شَهْرٍ، أي بحيث لا ينسى أنَّ الأخيرَ تكرارٌ لِلأَوَّلِ ولا يُعَرِّفُ لَيلًا، وَلَا تَكْفِي سَنَةٌ مُتَفَرقَةٌ فِي الأَصَحِّ، أي بِأَنْ يُعَرِّفَ شَهْرًا وَيَترُكَ شَهْرًا كما صَوَّرَهَا ابن الصباغ وسليم وغيرهما، أو اثني عشر شهرًا من اثني عشر سنةً كما صورها القاضي أبو الطيب والقاضي حسين، لأن المقصود أن يبلغ الخبر للمالك؛ والتفريق لا يُحَصِّلُ هذا المقصود، ولأنَّ المفهومَ (•) مِن السَّنَةِ: التوالي؛ كما لو حلف لا يُكَلِّمُ زَيدًا سَنَةً. قُلْتُ: الأَصَح تَكْفِي، وَالله أَعْلَمُ، لإطلاق الخبر وكما لو نذر صوم سَنَةٍ يجوزُ تفريقها وصحَّحَهُ العراقيون.

فَرْعٌ: المالُ الموجودُ في دار الحرب إذا أمكنَ كونه لمسلمٍ وجب تعريفُهُ ثُمَّ، بَعْدَهُ هُوَ غَنِيمَةٌ، وقيل لِلْوَاجِدِ تَمَلُّكُهُ، وأما صفة التعريف، فقال الشيخ أبو حامد: يُعَرَّفُ يومًا أو يومين؛ وَيَقْرُبُ منه قولُ الإِمامِ: يكفي بلوغُ الأخبار إلى الأجناد إذا لم يكن هناك مسلم سواهم ولا ينظر إلى احتمال مرور التجار، وفي المهذب والتهذيب: يُعَرَّفُ سَنَةً، ذكره كله في أصل الروضة تبعًا للرافعي في السِّيَرِ، وَأَفْهَمَ كَلامُ الروياني ترجِيحَ الثاني.

فَصْلٌ: وَيَذْكُرُ بَعْضَ أَوْصَافِهَا، يعني في التعريف، لأنَّهُ أقربُ إلى الظَّفَرِ بالمالِكِ؛ وذلك مستحبٌّ؛ لا شرط في الأصحِّ، واحترز بقوله (بَعْضَ أَوْصَافِهَا) عن كلِّها، فإنه لا يستوعبها ولا يبالغُ فيها لئلا يعتمدها الكاذبُ، فإنْ فَعَلَ ضَمِنَ على الأصحِّ من زوائده في الروضة.

وَلَا يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ إِنْ أَخَذَ لِحِفْظٍ، أي إذا قلنا بوجوب التعريف والحالةُ هذه، بَل يُرَتِّبُهَا الْقَاضِي مِنْ بَيتِ الْمَالِ أَوْ يَقْتَرِضُ عَلَى الْمَالِكِ، أي أو يأمرَ الملتقطَ ليرجع كما في هربِ الْجَمَّالِ، فإن لم يوجبْ التعريف والحالة هذه فهو متبرِّعٌ إذا عَرَّفَ.


(•) في النسخة (١): المقصود.

<<  <  ج: ص:  >  >>