وَإِنْ أَخَذَ لِتَمَلُّكٍ لَزِمَتْهُ، لقصد التملك، وَقِيلَ: إِنْ لَمْ يَتَمَلَّك فَعَلَى الْمَالِكِ، لعود الفائدة إليه والأصحُّ أنها على الملتقطِ لما تقدم، ولو قصدَ الأمانةَ أوَّلًا ثم قصد التملك ففيه وجهان نظرًا إلى منتهى الأمرِ ومستقرِّهِ، وأفهم كلامُهُ تبعًا للرافعي: أنه إذا تملك فالمؤنة عليه قطعًا، ومحله إذا لم يظهر المالكُ، أما إذا ظهر فأطلق في الروضة تبعًا للرافعي فيه الخلاف؛ وظاهر ذلك أنه لو كان ظهورهُ بعد التملكِ. فلو عَبُّرَ بقوله وقيل إِنْ لَمْ يَظْهَرِ الْمَالِكُ فَعَلَيهِ لكانَ أحسنُ.
وَالأَصَحُّ: أَنَّ الْحَقِيرَ لَا يُعَرَّفُ سَنَةً، لأنَّ فاقدَهُ لا يدومُ على طلبهِ سَنَةً بخلاف الْخَطِيرِ، والثاني: أنه يُعَرِّفُ سَنَةً كالكبير لإطلاقِ الأخْبَارِ، بَلْ زَمَنًا يُظَنُّ أَنَّ فَاقِدَهُ يُعْرِضُ عَنْهُ غَالِبًا، أي ويختلف ذلك باختلاف المال، وَعَبَّرَ الأَئِمَّةُ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُعَرِّفُ يومًا أو يومين وأكثرُهُ ثلاثة، قال الروياني: فدانقُ الفِضَّةِ يُعَرُّفُ في الحالِ ودانقُ الذَّهَبِ يُعَرَّفُ يومًا أو يومين أو ثلاثة، والوجه الثاني: أنه يكفي مَرَّةً؛ لأن يخرج بها عن حَدِّ الْكَاتِمِ، والثالث: يكفي تعريفهُ ثلاثةَ أيَّامٍ لحديث ضعيف فيه (٢١٤)، وفي وجه غريب: أنه لا يجبُ تعريف القليل، حكاه الماوردي وغيره، وكل هذا إذا لم يبلغ في القلَّة إلى حَدٍّ تسقطُ مَعَهُ القيمةُ فإن بلغَ ذلك كَالثَّمَرَةِ لم يجبْ تعريفُهُ، نعم؛ هل يزول ملك صاحبه عنه إذا وقع منه؟ وفيه وجهان في الوافي.
(٢١٤) عن يَعْلَى بن مُرَّةً؛ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: [مَنِ الْتَقَطَ لُقَطَةً يَسِيرَةً؛ حَبْلًا أوْ دِرْهَمًا أَوْ شِبْهَ ذَلِكَ، فَلْيُعَرِّفْهُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ كَانَ فَوْقَ ذَلِكَ فلْيُعَرِّفْهُ سِتَّةَ أَيَّامٍ]. رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب اللقطة: باب ما جاء في قليل اللقطة: الحديث (١٢٣٣٣)، وقال: تفرد بن عمرو بن عبد الله بن يعلى، وقد ضعفه يحيى بن معين، ورماه جرير بن عبد الحميد بشُرْبِ الْخَمْرِ. قال الهيثمي في مجمع الزوائد: باب اللقطة: ج ٤ ص ١٦٩: رواه أحمد من طريق عمرو بن عبد الله بن يعلى، فإن كان عمرو فلا أعرفه، وإن كان عمر فهو ضعيف. وقال: رواه الطبراني في الكبير وفيه عمر بن عبد الله بن يعلى وهو ضعيف. قلتُ: رواه الإِمام أحمد في المسند: ج ٤ ص ١٧٣. وفيه [فَلْيُعَرفهُ سَنَةً].